أخبار عاجلة

عن أي روم تتحدثون؟

بقلم- حاتم سلامة

حينما حدث التصاعد بين اليهود والشيعة الفرس، حاول بعض العقلاء أن يتذكر مقاتل الفرس في المسلمين بسوريا، وكيف أثخنوا فيهم الجراح وقتلوا منهم الملايين ذبحا وهتكا وتهجيرا وتشريدا، ولهم الحق في هذا فما حدث علي يد الفرس الشيعة من وحشية، لم يكن لها مثيل في دنيا العداء للإسلام وأهله.
لقد رأى بعضهم أن ما حدث هو عقاب الله على ما جنته اليد الإيرانية الآثمة من إبادة جماعية للشعب السوري العربي المسلم.
ولكنهم وهم في غمرة هذا الاتعاظ، خرج عليهم من أراد أن يمحو هذا الجرح العميق ويطويه في بحار النسيان، وقال للجماهير: نحن اليوم مع إيران قلبا وقالبا، وكل من وقف في وجه الكيان نحن معه ونؤيده وندعمه، ثم إنهم شيعة والتشيع أقرب إلينا من الصهيونية والصليبية.
قلنا لهم: نحن نؤمن بذلك ولكننا نريد فقط أن نذكركم أن الشيعة عدو لأننا رأينا حفاوتكم بها تبلغ عنان السماء، فلو أن اسرائيل انتهت فسوف تأكلنا إيران، ولو أن إيران أكلت فلسوف تأكلنا إسرائيل، أي أنكم في كلتا الحالتين فريسة وضحية.
قالوا لنا اخرسوا أيها الجهلاء الأغبياء الذين لا تفقهون، إيران هي الأمل وهي البطل وهي صلاح الدين الذي غاب.. أيها الأغبياء المخابيل، ألا تقرؤون القرآن ألم تروا ما جاء في سورة الروم الروم:
“الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)”
قلنا لهم: عن أي روم تتحدثون؟ استشهادكم بالروم في غير محله، والعبرة هنا بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، فالروم يومها لم يكن بينهم وبين المسلمين أي عداء أو نزال، ومن ثم كانوا الأقرب لدينا لأنهم أهل كتاب، ولكنهم بعد ذلك تحولوا إلى أشر الأعداء، وصارت بينهم وبين المسلمين مواجهات عسكرية ألغت فكرة التقارب التي نزلت في صدر الإسلام في سورة الروم.
وعلى نفس الحال صارت بين المسلمين والشيعة الفرس ما أخرجهم من فكرة التقارب التي يدلل عليها البعض بآيات الروم، لقد شاركوا في إبادة شعب مسلم دون رحمة أو شفقة، حتى تبين منهم حال الكراهية والبغضاء، ومن ثم لا مجال للتلويح بآيات الروم وتنزيل حالها على حال الفرس.
بيننا وبين إيران ثأر كما بيننا وبين اليهود، لا يمكن تفضيل الفرس على اليهود، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، التوحش والقمع والإجرام.
أدرك أن بعض الناس عاجز عن تفسير هذا الكلام، لأنه ظل طول حياته حبيس إعلام مضلل كان يخبره أن ايران تحارب الدواعش والارهاب في سوريا، ولكن الحقيقة أننا كنا نتابع المشهد المؤلم يوما بيوم ونحن نمسك بنزيف قلوبنا على إخواننا السوريين، الذين استبيحت حياتهم وأرواحهم علي يد الفرس والروس، ولكن نكاية الفرس بهم كانت أشد وأقوى.
أنا فرح منتعش للضربات الايرانية علي إسرائيل، لكن هناك، فرق بين فرحي وفرحك، وهو دليل على وعيي وقلة وعيك، أنا أنظر إليهم على أنهم عدو وقع في عدو وأتمني أن يهلك الطرفين، أما أنت ففرح سعيد تظن أن المارد الإسلامي تحرك من إيران، وأن ايران تجدد بعث البطولة الإسلامية على يد صلاح الدين من جديد.. وهذا كله وهم وسراب.
كل ما قلته لا تصوروا إيران بطلة، بل هي مجرمة سلطها الله على مجرمة أكبر منها، وهو قول رفضه البعض وأهاج قرائحهم، وبعضهم بلغ به الخيال الموهوم، أنني من طبقة السلفيين المتشددين التي تكفر الشيعة، وما كنت يوما من تيار السلفيين ولا أرحب بكثير من أفكارهم.
وبعضهم ظن أنني أتحدث عن الخلاف بين الشيعة وأهل السنة، وما كنت يوما في غياهب الحدث بهذه السطحية المفرطة.
لقد تشككت في نفسي وفي عقلي وتساءلت: هل أنا عاجز عن توصيل أفكاري ليفهمني الناس، أم أنني محاط بالجهل وسوء الفهم والتسويش الذي يريد إخراسي وكتم صوتي؟
ولكنني لست ممن ترهبهم صفاقات الألسنة، وإني لماض أعلنها في كل وقت وكل ظرف.. مسرور من الضربات الايرانية، لكنني مؤمن بعداوتهم لنا ما حييت، مسرور لدعمهم للمقاومة، لكنني مؤمن أن رغبتهم في القضاء على إسرائيل ترجع لأنهم يرونها أكبر عائق في تحقيق مشروعهم التوسعي لنشر التشيع والقضاء على أي وجود سني، لهذا دعموا حماس وسلحوا المقاومين، لأن زوال اسرائيل، يعني الايذان بقرب تحقيق الحلم الصفوي في الهيمنة على الشرق الإسلامي.. وأنتم يا من يرون بطولتها، هي حقا بطلة، لكنها يوما ما كانت مجرمة، فإذا أعجبتكم بطولتها فلا تنسوا إجرامها.
أرجوا ألا نقحم الاستشهاد بالروم في الأمر مرة أخرى، فهناك فارق كبير بين الروم والفرس المعاصرين.
ربما يكون لبعض الناس بعض العذر فالهزيمة النفسية التي نعيشها يمكن أن تجعل البعض منا يصور أبا جهل بطل الأبطال.. وعجبي.!
*معذرة حجبت التعليقات منعا للتطاول والإسفاف فبعض الناس جعلهم الخلاف يفقدوا عقولهم.