أخبار عاجلة

«الفرانكفونية».. لغة المستعمِر تغذي أدب السنغال

تأثر الأدب السنغالي في بدايته باللغة الفرنسية، حيث كتبت بها معظم الأعمال الروائية والشعرية والمسرحيات الأولى، رغم اللغات الأخرى، التي تذخر بها هذه البلاد، بما في ذلك اللغة العربية السائدة قبل الاستعمار.
يعود تاريخ اللغة الفرنسية في السنغال إلى أوائل القرن التاسع عشر، وأول من كتب بها أولئك المنحدرين من أصل فرنسي، والمخلّطين بين سانت لويس بفرنسا وسكان جزيرة غوري من السنغال.
ولادة الأدب السنغالي
ووفقًا لأغلبية النقاد السنغاليين، وُلد الأدب السنغالي مع سانت لويس، إلا أن فريقا آخر منهم يرى أن الأدب السنغالي بدأ من خلال قصائد فيليس ويتلي (1753- 1784)، وهي شابة سنغالية تم تهجيرها، وبيعت كعبدة في أمريكا.
ولا تحظى الأعمال، التي أنتجها المنحدرون من أصول مخلطّة، بأهمية كبيرة، لأن معظمها يندرج تحت أدب الرحلات، أو الدراسات الأنثروبولوجية، أو المجلات الشخصية، وأول من أنتج مثل هذه الأعمال هو ليوبولد بانيت، الذي كان مترجمًا في الجيش الاستعماري الفرنسي، في عام 1850، من خلال كتابه “وقائع رحلة من سانت لويس إلى سوييرا”.
انطباعات شخصية أم تجسس؟
وبالرغم من عنوان النص، الذي يشير إلى أنه يتعلق بانطباعات “بانيت” في أثناء سفره من سانت لويس إلى سوييرا في موريتانيا، لكن حقيقة الأمر كان هدف رحلته التجسس للسلطات الفرنسية، التي أرادت إيجاد طريقة لربط مستعمراتها في أفريقيا من جنوب الصحراء مع الجزائر، لذلك لا يمكن أن يعد هذا العمل أدبًا.
ونُشر نص بانيت في “La Revue Coloniale”، وهي مجلة نشرت نصوصًا للقراء الأوروبيين، الذين كانوا مولعين جدًا بالأدب الغريب في تلك الأيام.
وفي عام 1853 قدم آبي بويلت، وهو رجل دين فرنسي، كتاب “الرسومات السنغالية”، الذي يعد كنزا من المعلومات حول هذا العصر، وفي عام 1855 نشر بول هولي وشريكه في الكتابة فريديريك كاريير، عددا من الكتابات الأدبية في مجلة “La Senegambi Francis”.
تاريخ أم أدب؟
ويمكن القول إن هذه الأعمال كانت تاريخية أو أنثروبولوجية إلى حد ما، أنتجها فرنسيون أو أشخاص من أصل فرنسي، كانوا مهتمين بطرح رؤيتهم الشخصية للثقافة والمجتمع السنغالي، لكن من وجهة نظر أدبية بحتة، لا يمكن اعتبار أعمالهم أدبا بالمعنى المعروف.
وكان أول عمل للفرنسيين من أصل أفريقي أسود، كتاب “معركة غوي”، ألّفه مدرس في مدرسة ابتدائية سنغالية، يدعى أمادو دوجواي كليدور، وتم نشر نصه في عام 1912 في السنغال، وفي 1913، نشر “كليدور” نصا آخر بعنوان “من فيدرب إلى كوبولاني”، ومن الملاحظ أن أعمال “كليدور” تاريخية أكثر من كونها أدبية خيالية، وهذا أمر مفهوم تمامًا لأن السنغاليين المتعلمين الأوائل أرادوا أن يظهروا للسلطات الاستعمارية أن إتقانهم للغة الفرنسية كان ممتازًا.
نصوص أدبية أكثر
في عام 1914، ظهرت نصوص أدبية أكثر، بدأت بهاميت سو ديليماك، الذي كان يعمل مدرسا في سانت لويس، ونشر “دليماك” ثلاث حكايات أخرى في نفس السنة، هي “صراع الضفادع ضد الأسماك” و”الأرنب أمام الله” و”الذئب الذي يتظاهر بأنه طبيب”.
ونشر مدرس آخر يدعى أمادو ماباتي دياني، في 1920، ما يعتبر أول رواية مكتوبة باللغة الفرنسية في غرب أفريقيا، بعنوان “رغبات ماليك الثلاث”، وبعد ثلاث سنوات، نشرت ماسيلا ديوب  “مسار الجندي”، وفي 1925، نشرت ما يعتبره النقاد الرواية السنغالية الثانية باللغة الفرنسية، إلا أن مخطوطات كل من ديوب ودياني اختفت تماما.
ترويج للتطبيع
ولحسن الحظ، لا تزال بعض عينات من الرواية السنغالية الثالثة باللغة الفرنسية موجودة، بعنوان “قوة الخير”، التي ألفها باكاري ديالو، عام 1926، وتعدّ انعكاسا للتطبيع مع السياسة الفرنسية في أفريقيا، حيث تغاضى المؤلف عن السياسة الاستعمارية الفرنسية في غرب أفريقيا، معربًا عن امتنانه للفرنسيين على العمل الجيد الذي قاموا به في القارة، لذلك لم يعرف هذا الكتاب النجاح، ربما بسبب محتواه.
أما الكاتب الأكثر إنتاجية في غرب أفريقيا الفرنسية، قبل عام 1950، فكان السنغالي عثمان سوسي ديوب، الذي أصدر 3 روايات هي “كريم”، عام 1934، و”ميراج دي باريس”، عام 1937، و”حكايات وأساطير أفريقيا السوداء”، عام 1942.
ظهور الشعر
وقبل عام 1950، لم يكن هناك أي مجموعات شعرية في البلاد، حتى ظهر “سينجور”، الذي أشعل اهتمام الناس بالشعر مع نشر أعماله في عام 1945، وترجع أهمية الشعر كنوع أدبي في هذه المرحلة، إلى ولادة حركة أدبية تدعى “النيجرتيود”، أسسها “سينجور” مع الشاعر إيمي سيزير.
كتبت: غادة قدري
الكتاب 50+1