أخبار عاجلة

طالع مقدمة كتاب يوسف نوفل الحائز على تقديرية الدولة  

صدر في طبعة جديدة كتاب “الشعر ديوان العرب”، للأستاذ الدكتور يوسف نوفل، عن دار غراب للنشر والتوزيع.

 

والكتاب حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب 2022. ومن مقدّمـــــة الشعر ديوان العرب:

 

أزليّــة الشعر

«أنْ نكون، أو لا نكون»؛ فمنذ الأزل وشعرنا هو لغتنا، ولغتنا هي شعرنا، الذي هو ديوان العرب في حاضرهم ومستقبلهم، بمثْل ما كان في ماضيهم، يرْصد واقعهم وآمالهم وآلامهم، وكأنه يؤرخ لهم، ويحكي عنهم، ومن ثم كانت اللغة العربية، وكان الشعر ـ معا ـ علامة وجودنا العربي منذ أقدم العصور، حيث شهدتْ لغتنا زوال سلطان اللغة الإغريقية، وتقويض عرش اللغة اللاتينية، وتفاعلتْ مع حضارات الشرق الأدنى القديم جميعها، وكانت الأم في شجرة اللغات السامية، حيث بقيتْ صور منها في النقوش، والمخربشات، والقبوريات، وفي الأسواق التي بلغت أكثر من ستة وعشرين سوقا، في الجناح الشرقي: بابل وآشور، حضارة وادي الرافدين، والغربي في الشعبتين: الشمالية، حيث الكنعانية والآرامية، وكان منها الشعر الجاهلي، وبها نزل القرآن الكريم، والجنوبية، حيث اليمن وقحطان وسبأ، وكان ذلك قبل الميلاد بقرون. وهكذا ظلت اللغة وظل الشعر، من ثم، كامنين في جذور شجرة العرب الحضارية الضاربة في باطن أرضنا، تلك الجذور التي قاومت التبعية والاستلاب والاغتراب والتتريك والغزو والاستعمارقرونا، وها هي ذي تقاوم ـ بصلابة واستماتة ـ الغزو الصهيوني الخطير الذي يريد اقتلاع الشجرة من جذورها، وطمْس معالم انتمائنا إليها برابطين استعصى عليه الجدل حولهما، وهما لغتنا وشعرنا؛ بعد أنْ اعتقد أن في القضاء على هذين العنصرين قضاء على الوجود العربي، وإحلالا للوجود الصهيوني. وظل فيهما السند والدليل الدامغ على وجودنا العربي في مواجهة ادعاءات الأعداء، والمتربصين، والغازين في محاولاتهم بالحيل والدهاء والإعلام المضلل، وتزييف التاريخ، لتجريدنا من حق الوجود، واقتلاعنا من جذورنا، وذلك بهدْم أسس تجذرنا، زاعمين أنهم الجذور، وأنهم المقيمون، وأننا على السطح هائمون وافدون مستوطنون؛ فزعموا، بالباطل، كل زعم، حتى نسبوا لأنفسهم أطعمتنا وفولكلورنا، وملابسنا، وعاداتنا، وآثارنا، إلاّ الشعر الذي يقف وثيقة تاريخية ناطقة مفْـحمة تتأبّى على الإنكار، وتقهر المحاجّة ؛ لهذا صدق أجدادنا حين قالوا الشعر ديوان العرب.