أخبار عاجلة

رسالة إلى “أبو الهول” قصيدة للشاعر “نافع سلامة”

أتغمض أم فينا تُراك تحدق

أبا الهول سيان وصمتك أعمق

فلو عشت فينا ساعة متأملا

ستجري على الأقدام هولا وتنطق

بلاد حباها الله من كل خيّر

وكانت على كل الخلائق تشفق

حكاياتها الخضراء نكهة روحها

تفوح بها الأيام ذكرا وتعبق

نداها على كل الجهات موثق

بما ليس يفنى من كتاب ويحرق

إذا قيل مجد قيل مصر مكانه

وإن قيل عز قيل نيل موفق

وإن قيل جوع رد حلم بأرضها

لدي خزين الله في الروح مورق

وإن جاء بالتاريخ غرب مكابرا

تصاغر إن نادى أيا مصر مشرق

عزيز عليها أن يهان ترابها

بمشي خبيث فوقه يتأنق

كريم بها الإنسان قبل بنائها

فما قيمة البنيان والنفس خندق

تقدس أخلاق القلوب عقولها

فتنفخ في الأحجار فنا فينطق

فيا من ترى في الصرح إعجاز ساحر

تمل تر الإعجاز بالروح يخلق

متى كان للطين المسجر نكهة

إذا لم يكن فيه شعور مشوق

وليس عمارا في المباني وإنما

عمار نفوس الناس من قبل أخلق

و رب صحارى من خلاء و عتمة

بها يأنس الإنسان عما يذوق

فكم تزدهي بالحسن والشكل سحنة

ومن تحتها للقبح فكر معوق

وصلنا إلى عصر يناقض نفسه

ويكره في الإنسان ما كان يعشق

يلام به أهل القلوب بأنهم

قدامى بعصر غابر قد تخلقوا

بلاد من الإهمال والشعب ضائق

وشعب من الإهمال والأرض أضيق

يورث فيها كل شيء فلا ترى

جديدا من الإبداع فيها يخلق

ويسمى زعيما من تنامى فساده

وفنا جميلا يدعيه التملق

يصارع فيها كي يظل مساره

ورا لقمة العيش البعيد التعرق

غلاء يذيق الناس كأسا كأنهم

يفرون من موت عظيم يحدق

ومعبودها الدولار مصدر فقرها

وإن كان بالمليم فيها التسوق

إذا راح نحو السهم جن جنونها

وماتت بها الأحلام غض وشيق

تهجر منها في الشباب بيوتها

ويزدان للغُرب العواهر فندق

كأن عروسا ذوقوها لدخلة

ولكن على غير العريس التذوق

على ضفة الأيام تبدو كعزبة

تصيح بها الغربان فقرا وتنعق

توالى عليها الليل حتى إذا أتى

إليها نهار أبيض لا تصدق

يصوت فيها الناخبون لمن يُرى

أشد انتقاما منهمُ حين يسرق

فيسرق باسم الله من كان مسلما

وينهب باسم الرب منها الدمستق

ويفتح بالإلحاد عقل رؤوسنا

يقول أرى أن لا إله ويغلق

على شاشة الأوهام وجه منافق

يحاوره وجه مريب ملفق

فنحن وفي عهد السلام مجاعة

فكيف إذا ما الحرب قامت يعلق

غسلت دمي من أن يكون خلاصها

على الأرض موجودا يعيش ويرزق