أخبار عاجلة

رغم ذلك….لا تحزن بقلم الدكتور “محمد عبدالله جبارة”

 

أشد ما يلاقيه رب الأسرة هو ضياع الأخلاق بين جدران المنزل وضياع الأصول والثوابت التي تربينا عليها وكانت جزء من حواديت الأمهات قبل النوم ونصائحهن وسط النهار في كيفيه التعامل مع الكبير والصغير والزوج والشارع والأقارب وأدب الزيارات.

كثير من البيوت فقدت الكثير مما سبق مع أولادها وبأقل قدر من أصول وملامح التربية لأنهم لم يجدوا من يلقنهم هذه التربية وتلك النصائح المهمة في بيوتهم.

أخاف أكثر وأكثر علي انعدام حس الانتماء وضياع الإحساس بالمكان والزمان، والأسرة وصلة الرحم وفقد الجذور الأصيلة والعميقة من قلب وعقل الأجيال الجديدة ولكل ما هو موجود ومتأصل فينا وفي هويتنا ومعتقداتنا ومشاعرنا تجاه أقرب الناس لنا وفي مناسباتنا وأعيادنا وأعرافنا وتقاليدنا التي تربينا عليها…

نعم أخاف على هذه الأجيال التي اختلطت بالمجتمع مع الألفية الجديدة ولعقدين من الزمان، تاه بعض من الهوية الأخلاقية منهم في البيوت وفي الشارع وفي المعاملات.. من فقدان لإنسانيتهم وهويتهم في زمن صعب ملئ بالسطحية والتبلد والتنمر وفقدان حواس الأدب والذوق والتذوق السليم حتى مع أقرب الناس لهم.

من يُعلم هذه الأجيال الجديدة الفرق بين الصواب والخطأ ..بين الأصول الثوابت ومتغيراتها الخطأ.

بين الذوق الذي يجعل الإنسان متحضرا بأدبه وأناقته وبين العشوائية التي تحولوا لها إلى ما يشبه إنسان آلي متبلد ينفذ ولا يفكر تابع خلف شاشات صغيرة وكبيرة…………

فلابد أن نخاف علي شبابنا فلننظر لأرقام الطلاق في السنوات الأخيرة وفي أي فئة عمرية يتم الانفصال الأسري بعد شهر وشهرين من الزواج وتكون ثمرته طفل أو طفلة تعاني طيلة عمرها من الانفصال الأسري….

أصبح الشباب يبحث عن شخصيته وأحلامه في نفايات السوشيال ميديا ويتقمصون حياة أُناس غيرهم مشوهه لا روح فيها، فما معنى أن يظل منكبا على تليفون أو جهاز كمبيوتر لمدة عشر ساعات متواصلة بسعادة وحماس وهمي في غياب أية مناقشة أو تفكير وإن ناقشته قل علي الدنيا السلام.

استمع إلى لغة الكلام التي أصبحت متداوله بين الأطفال و سيطرت على عقولهم، أفكار لا يعرفون معها أقل الأصول وأبسط العادات في الحوار والطعام والسير في الطرقات….

أخاف ومعي كثيرون وبداخلنا القلق من صعود هذه الأجيال لمرحلة اللا عودة وهم يستهلكون وقتهم وصحتهم دون متعة أو إسفاده ويمضون حياتهم دون حب حقيقي أو مثل أعلى وينتمون إلى عالم غامض لا نعرفه وهمي….

انظر في وجوههم في أية وسيلة مواصلات أو في المنزل أو على الكافيهات أو في مناسبة عائلية ستجدهم محلقين في فضاء السوشيال ميديا.

فلنبدأ جميعا متكاتفين في إنقاذ هذا الجيل وخلق حلول تساعدهم على اكتساب ذاتهم والعودة لها فقليل جدا من الأسر هي التي أصبحت قادرة وتملك المحاولة أن تمنح أولادها خلاصة الأصول والعادات والتقاليد والمحبة والنقاء والانتماء ورحمة الصغير وتبجيل الكبير ويملكون الصبر الكافي ويسيرون بهم عكس طيار قوي وعنيف في عالم يُصر على الخطأ وإطلاق رصاصة موت تجاه كل ما هو جميل ونود الحفاظ عليه.

أين هذه الاجيال من الاختراعات والأفكار البناءة فليطلقوا العنان لخيالهم ويعلموا أن الله سبحانه وتعالى ميز البشر بالعقل، وربما تجد بعض الخلائق لديها عقل ولكن ليس لديها خيال، فالخيال استثار لبني البشر فقط دون ثائر الخلائق فلنستثمر هذه النعمة.. ملكة الخيال وتقويتها لدى الشباب في الابتكارات والاختراعات والأفكار الذكية النافعة. فتوقف خيال الإنسان عن وجدانه معناه توقف عمل وعيه، ولو فقد الإنسان قدرته على التخيل كليةً فسيفقد معها حتما شعوره بذاته وحياته كلها وصار في عداد الأموات الأحياء وإن كان جسمه فيه حياة فهي حياة تافهة ليس لها عنوان وليس لها صاحب يشعر بها، تابع مسير في تفكيره وأفعاله وليس صاحب أفق وخيال وقرار وهذا هو حال الكثير من هذه الأجيال…

فلنساعدهم للعودة للأصول والثوابت من التربية وتحسين لغة الحوار ويا ليتهم يسمعون قبل فوات الأوان…

وهنا يأتي دور الإعلام والمسلسلات الهادفة والأفلام البناءة ذات المغزى والهدف والطموح وبناء الإنسان وتكاتف المدرسة والجامعة مع الأسرة فهؤلاء الشباب هم عمادنا قوتنا في الحاضر والمستقبل.