أخبار عاجلة

كتاب جديد لدكتور خالد عبد الغني: “محمد صلى الله عليه وسلم” بشرًا ونبيًا وحاكمًا

[الفصل الأول] 

نَسَبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِكْرُ بَعْضِ أَخْبَارِ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ:

وَاسْمُ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مُحَمَّدٌ، ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَيُكَنَّى عَبْدُ اللَّهِ أَبَا قَثْمٍ، وَقِيلَ: أَبَا مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبَا أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَصْغَرَ وَلَدِ أَبِيهِ، فَكَانَ هُوَ – عَبْدُ اللَّهِ – وَأَبُو طَالِبٍ – وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ – وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الْكَعْبَةِ، وَعَاتِكَةُ، وَأُمَيْمَةُ، وَبَرَّةُ وَلَدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أُمُّهُمْ جَمِيعُهُمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَايِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ.

وَقِصَّةُ ذَبْحِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبْ لِأَحَدِ أَبْنَائِهِ وَالْمَعْرُوفَةَ فِي كُلِّ كُتُبِ اَلْأَقْدَمِينَ وَالْمُحْدَثِينَ عَلَى اَلسَّوَاءِ بِتَفَاصِيلَ كَثِيرَةٍ جِدًّا مَا نَرَى عَبْدُ اَلْمُطَّلِبْ وَقَدْ صُنِعَ لِقُرَيْشِ دِينُ تَجَاهُلِ هَذَا اَلتَّصْوِيبِ مُتَرَادِفَاتِ خَاصٍّ وَنَظَّمَ اَلْأَصْنَامَ حَوْلَ اَلْكَعْبَةِ لِأَهْدَافٍ تِجَارِيَّةٍ وَاقْتِصَادِيَّةٍ ذَكَرَتْهَا اَلْمَصَادِرُ اَلتَّارِيخِيَّةُ بِاَلَّذِي يَقْبَل أَنْ يَضَعَ مَصِيرُ اِبْنِهِ بِهَذَا اَلشَّكْلِ ، وَإِنَّمَا تَقَوَّلَتْ اَلنَّاسَ أَوْ اَلرُّوَاةَ بِهَذِهِ اَلْقِصَّةِ حَتَّى أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ نِسَبًا عَادِيًّا تَزَوَّجَ فِيهِ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ وَأَنْجَبَا اَلنَّبِيَّ اَلْأَعْظَمَ فَلَا بُد وَأَنْ يَصْنَعُوا قِصَّةٌ كَبِيرَةٌ يَحَارُ اَلْمَرْءُ فِي قَبُولِهَا حَتَّى تَسْتَقِيمَ وِلَادَةُ اَلنَّبِيِّ اَلْأَعْظَمِ مِنْ نَبِيِّ نُذُرًا لِلْمَوْتِ ثُمَّ اَلنَّجَاةُ بِأُعْجُوبَةٍ وَخَارِقَةٌ مِنْ اَلْخَوَارِقِ هُنَا يَقْبَلُ اَلْعَقْلُ اَلْجَمْعِيُّ هَذِهِ اَلْقِصَّةِ اَلَّتِي لَمْ نَسْمَعْ أَنَّهَا حَدَثَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ مِنْ بُعْدٍ فَهِيَ لَمْ تَكُنْ مَأْلُوفَةً لَدَى اَلْقُرَشِيِّينَ وَلَا غَيْرُهُمْ وَالْقِصَّةُ تَقُولُ:” 

وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ الْعَنَتَ فِي حَفْرِ زَمْزَمَ، كَمَا نَذْكُرُهُ، لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ وَبَلَغُوا مَعَهُ حَتَّى يَمْنَعُوهُ لَيَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَهُ تَعَالَى. فَلَمَّا بَلَغُوا عَشَرَةً وَعَرَفَ أَنَّهُمْ سَيَمْنَعُونَهُ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ فَأَطَاعُوهُ وَقَالُوا: كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ يَأْخُذُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قِدْحًا، ثُمَّ يَكْتُبُ فِيهِ اسْمَهُ. فَفَعَلُوا وَأَتَوْهُ بِالْقِدَاحِ، فَدَخَلُوا عَلَى هُبَلَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ أَعْظَمَ أَصْنَامِهِمْ، وَهُوَ عَلَى بِئْرٍ يُجْمَعُ فِيهِ مَا يُهْدَى إِلَى الْكَعْبَةِ.

وَكَانَ عِنْدَ هُبَلَ سَبْعَةُ أَقْدُحٍ، فِي كُلِّ قِدْحٍ كِتَابٌ، فَقِدْحٌ فِيهِ الْعَقْلُ إِذَا اخْتَلَفُوا في الْعَقْلِ مَنْ يَحْمِلُهُ مِنْهُمْ ضَرَبُوا بِالْقِدَاحِ السَّبْعَةِ، وَقِدْحٌ فِيهِ ” نَعَمْ ” لِلْأَمْرِ، إِذَا أَرَادُوهُ يُضْرَبُ بِهِ، فَإِنْ خَرَجَ ” نَعَمْ ” عَمِلُوا بِهِ، وَقِدْحٌ فِيهِ ” لَا “، فَإِذَا أَرَادُوا أَمْرًا ضَرَبُوا بِهِ، فَإِذَا خَرَجَ ” لَا ” لَمْ يَعْمَلُوا ذَلِكَ الْأَمْرَ، وَقِدْحٌ فِيهِ ” مِنْكُمْ “، وَقِدْحٌ فِيهِ ” مُلْصَقٌ “، وَقِدْحٌ فِيهِ ” مِنْ غَيْرِكُمْ “، وَقِدْحٌ فِيهِ ” الْمِيَاهُ “. إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِلْمَاءِ ضَرَبُوا بِالْقِدَاحِ، وَفِيهَا ذَلِكَ الْقِدْحُ، فَحَيْثُ مَا خَرَجَ عَمِلُوا بِهِ.

وَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَخْتِنُوا غُلَامًا، أَوْ يُنْكِحُوا جَارِيَةً، أَوْ يَدْفِنُوا مَيِّتًا، أَوْ شَكُّوا فِي نَسَبِ أَحَدٍ مِنْهُمْ ذَهَبُوا إِلَى هُبَلَ وَبِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجَزُورٍ، فَأَعْطَوْهُ صَاحِبَ الْقِدَاحِ الَّذِي يَضْرِبُهَا، ثُمَّ قَرَّبُوا صَاحِبَهُمُ الَّذِي يُرِيدُونَ بِهِ مَا يُرِيدُونَ ثُمَّ قَالُوا: يَا إِلَهَنَا هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَدْ أَرَدْنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَأَخْرِجِ الْحَقَّ فِيهِ. ثُمَّ يَقُولُونَ لِصَاحِبِ الْقِدَاحِ: اضْرِبْ، فَيَضْرِبُ، فَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ ” مِنْكُمْ ” كَانَ وَسِيطًا، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ ” مِنْ غَيْرِكُمْ ” كَانَ حَلِيفًا، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ ” مُلْصَقٌ ” كَانَ عَلَى مَنْزِلَتِهِ مِنْهُمْ، لَا نَسَبَ لَهُ وَلَا حِلْفَ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ شَيْءٌ سِوَى هَذَا مِمَّا يَعْمَلُونَ بِهِ، فَإِنْ خَرَجَ ” نَعَمْ ” عَمِلُوا بِهِ، وَإِنْ خَرَجَ ” لَا ” أَخَّرُوهُ عَامَهُمْ ذَلِكَ، حَتَّى يَأْتُوهُ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى، يَنْتَهُونَ فِي أُمُورِهِمْ إِلَى ذَلِكَ مِمَّا خَرَجَتْ بِهِ الْقِدَاحُ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِصَاحِبِ الْقِدَاحِ: اضْرِبْ عَلَى بَنِيَّ بِقِدَاحِهِمْ هَذِهِ. وَأَخْبَرَهُ بِنَذْرِهِ الَّذِي نَذَرَ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَصْغَرَ بَنِي أَبِيهِ وَأَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ. فَلَمَّا أَخَذَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ يَضْرِبُ قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى، ثُمَّ ضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ، فَخَرَجَ قِدْحٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. فَأَخَذَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِيَدِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى إِسَافَ وَنَائِلَةَ، وَهُمَا الصَّنَمَانِ اللَّذَانِ يَنْحَرُ النَّاسُ عِنْدَهُمَا. فَقَامَتْ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا فَقَالُوا: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَذْبَحُهُ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ: وَاللَّهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ، لَئِنْ فَعَلْتَ هَذَا لَا يَزَالُ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْتِي بِابْنِهِ حَتَّى يَذْبَحَهُ. فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَحْزُومٍ: وَاللَّهِ لَا تَذْبَحُهُ حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ فِدَاؤُهُ بِأَمْوَالِنَا فَدَيْنَاهُ. وَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ: لَا تَفْعَلْ وَانْطَلِقْ إِلَى كَاهِنَةٍ بِالْحِجْرِ فَسَلْهَا فَإِنْ أَمَرَتْكَ بِذَبْحِهِ ذَبَحْتَهُ، فَإِنْ أَمَرَتْكَ بِمَا لَكَ وَلَهُ فِيهِ فَرَجٌ قَبِلْتَهُ.

 

فَانْطَلَقُوا إِلَيْهَا، وَهِيَ بِخَيْبَرَ، فَقَصَّ عَلَيْهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَبَرَهُ، فَقَالَتِ: ارْجِعُوا الْيَوْمَ حَتَّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي فَأَسْأَلَهُ، فَرَجَعُوا عَنْهَا. ثُمَّ غَدَوْا عَلَيْهَا فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَدْ جَاءَنِي الْخَبَرُ، فَكَمِ الدِّيَةُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَكَانَتْ كَذَلِكَ. قَالَتْ: ارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ وَقَرِّبُوا عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَزِيدُوا عَشْرًا حَتَّى يَرْضَى رَبُّكُمْ. وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْإِبِلِ فَانْحَرُوهَا فَقَدْ رَضِيَ رَبُّكُمْ وَنَجَا صَاحِبُكُمْ.

فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْا مَكَّةَ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا لِذَلِكَ قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ، ثُمَّ قَرَّبُوا عَبْدَ اللَّهِ وَعَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَزَادُوا عَشْرًا، فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. فَمَا بَرِحُوا يَزِيدُونَ عَشْرًا وَتَخْرُجُ الْقِدَاحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى بَلَغَتِ الْإِبِلُ مِائَةً، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى الْإِبِلِ.

فَقَالَ مَنْ حَضَرَ: قَدْ رَضِيَ رَبُّكَ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى أَضْرِبَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَضَرَبُوا ثَلَاثًا، فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى الْإِبِلِ، فَنُحِرَتْ ثُمَّ تُرِكَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا إِنْسَانٌ وَلَا سَبُعٌ ( )” 

——————————————————

الهامش 1- قول الكاهنة ( ارجعوا اليوم حتى يأتينى تابعى فأسأله ) زائدة فى بعض الروايات ومنهم من لم يوردها أصلا واعتمد فى روايته رجاحة عقل الكاهنة حيث دلتهم على الحل المناسب (المراجع ).