أخبار عاجلة

“صوت سابع”من ديوان وردة التخييل الذاتي للشاعر “أشرف يوسف”

صَوتٌ سابِعٌ: من ديوان وردة التخييل الذاتي الذي صدر الكترونيا سنة ٢٠٢١
وُلدتُ في الفَضاءِ الإلكترونيِّ،
كامرأةِ ظِلٍّ تُلتَقطُ لها الصُّورُ في الميادينِ والحدائِقِ العامَّةِ،
وفَوقَ أَريكَةٍ تُضاءُ بِلمباتِ النِّيون الصَّغيرَةِ الملوَّنة،
بِبساطَةٍ، وبِكُلِّ وضوحٍ: أنا ابْنَةُ عَدَسةِ الكاميرا
الَّتي تَمنَّت أَن تكونَ «لي ميلر» وهي مُهيَّأةٌ للقَنْصِ بِعَيْنَيْ رَجلٍ خَلَّدها عارِيةً…
أيُّ زَيفٍ أحاطَ بِقِيَمِ العالَمِ الجديدِ عن تَرويجي وبَيْعي وشِرائي
ووجودي في مَزادِ التَّرهُّلِ بين أَفواهِ الرِّيفيِّين السُّذَّجِ ذَوي المكْرِ السِّيِّئِ
الَّذين لا يعرفون شيئًا عن الخَلاصِ سِوى بِشاشَةِ التِّليفزيون،
وهي تُناهِضُ مآثِرَ المدُنِ وأَفضالِها لِلبَقاءِ على قَيْدِ التَّرَدُّدِ.
نَعَم، التَّردُّدُ يا أَصدقائي وصديقاتي اللِّيليِّين،
هو ذاته الزَّمنُ الَّذي جَعَل منِّي مَعنًى مُضادًّا للزَّوال…
قَد أَذبُلُ وأَموتُ واهِنَةً، وتَضرِبُ الشَّيخوخَةُ أَنحاءَ جَسَدي
وهُم يُمْسِكُون بِقَدَمَيَّ المتَجلِّطَتَيْن ويَجرُّونني مِنهُما
كَأنَّني عَربَةُ كارُّو تَفوحُ منها رائِحةُ الرَّوَثِ والقاذورات المنبَعِثَةُ من أُنوفِ الجُنودِ والميليشيات المسلحة
ولا عَلاقَةَ لِقامتي المتكَوِّرَةِ مثل بَيضَةٍ في وعاءٍ على وَشكِ الوصولِ لِدرجَةِ الغَلَيانِ
بِأوهامِهِم عَنِّي وعَن مَروَحَتي المفقودَةِ كامْرَأةٍ مَخصيَّةٍ
تُقاوِمُ بِشَرَفٍ نادِرٍ وبِلا ثَمنٍ عِصِيَّهم الكَهربائيَّة الَّتي صُنِعَت لإبادَةِ الضَّجَر
ونَقلِ لَقَطاتي من مَيدانٍ مُزدَحِمٍ بالمسافِرين
إلى قَبْوِ الأثرياءِ الجُدُدِ مُحاطَةً بِالمقصَّات الَّتي صادَفَتني في مَرحلةِ الطُّفولَةِ والبراءَةِ
لإخفاءِ قَدميَّ، فَخِذيَّ، مَروَحَتي، وَردتي السوداءِ (التي تُشبِهُ الدَّانتيلَّا أَسفلَ سُرَّتي)*،
نَهدَيَّ، إبِطيَّ، ذراعَيَّ، عُنُقي الجميلِ (الشَّبيهِ بِجسرٍ بين كَفَّيَّ)، وُمداعَبَةِ عازِفِ الكَمانِ
لِتفاصيلِ وِجهي…
وَحدي مَشيتُ آلافَ الأَميالِ، ورَسَمتُ خارطَةً جَديدةً لأُحرِّرَها من الرَّصاصِ الحَيِّ ورَفْعِ السِّلاحِ.
وَحدي مَشيتُ آلافَ الأَميالِ، وحُوصِرتُ بالمدَرَّعاتِ وسائِقيها والإسلاميين الأَجلافِ؛ لأَهْتِفَ: «سِلميَّة.. سِلميَّة.. سِلميَّة»
وَحدي مَشيتُ آلافَ الأَميالِ، وكُنتُ جائِعَةً، وعَطْشَى؛ لأُثْبِتَ لِنفسي أنَّ التَّباهي بِثَمَرتي النَّاضِجَةِ
وَعْدُ الله.
وَحدي مَشيتُ آلافَ الأَميالِ، وتَعاقَبَ تَحتَ سَماواتي لَيلٌ ونَهارٌ؛ لأَعتَرِفَ لَكم أَنَّني عاجِزَةٌ عن
اللَّحاقِ
بِموكِبِ الحَداثيِّين؛ لأنَّني ابْنَةٌ تَقليديَّةٌ تَحتَ شَجرةِ مريم العذراء
أَتَمنَّى لِشَجَرتي أَلَّا تَنتَظِرَ أَمرًا سَماويًّا، وتُمطِرَني من تَلقاءِ نَفسِها؛
لِكَوْني ابنَةً وَحيدَةً لأَبٍ مُناصِرٍ لحقوقِ النِّساءِ، وخَصَّني بِلَقَب «ميمي».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وردتي السوداء التي تشبه الدانتيلا: اقتباس من أمجد ناصر.