أخبار عاجلة

الحياة بين أمل ووجع ورجاء بقلم الدكتور “محمد عبدالله جبارة”

 

سُئل حكيم ماذا تعلمت من عمرك الذي مضى، رد بكلمات بسيطة وقال: إن الدنيا سلف ودين، المظلوم لابد له من انتصار ولو بعد حين وأن سهام الدعاء بالأسحار لا تُخطئ.

وسُئل عن الحياة قال: أن الحياة يمكن أن تنتهي بأي لحظة ونحن على غفلة، الكلمة الحلوة والوجه البشوش والكرم رأس مال الاخلاق، أغنى إنسان في العالم من يملك الصحة والأمان، من يزرع الثوم والبصل لا يحصد الياسمين والريحان، العمر ينتهي والمشاغل لا تنتهي، من يريد الناس أن يسمعوا له عليه أن يسمع لهم وأن السفر مع الناس هو أدق مجهر يكشف لك معادنهم.

وسُئل عن الناس قال: إن الذي يتفلسف كثيرًا ويقول أنا وأنا هو فارغ أجوف من الداخل، وأن الذي معدنه من الذهب يبقى ذهبًا والذي معدنه حديد يتغير ويصدأ، كل اللذين دفنوا في المقابر كانوا مشغولين وعندهم مواعيد وفي نياتهم أمنيات كثيرة لم يحققوها.

نحن نرتب السرير ونبرد الحجرة لننعم بالموتة الصغرى (النوم) ونهمل ترتيب أعمالنا وتبريد قبورنا بالحسنات والأعمال الصالحات وقضاء حوائج الناس لننعم بالموتة الكبرى.

قال سيدنا علي رضي الله عنه لا تكثر من الشكوى فيأتيك الهم وأكثر من الحمد لتأتيك السعادة. إن المستحيل كلمة يتوارى خلفها العاجزون، والحياة تمضي بنا بين أمل نتمناه، رجاء نأمله وواقع بين الأيدي نعيشه لنصل للأمل وتحقيق الرجاء، والأمل هو نور الحياة، المهم أن تحدد الأمل وتخطط له ومن بين ثنايا الأيام سيقابلك الحاقد، الغادر، الكاذب، الخائن واللاهث خلف الجنية. ليس حاجةً له أو سد جوع إنما حقد أو طمع.

لا تغضب، لا تبحث عن الوفاء لدى الخائن ولا تبحث عن الأمانة عند النذل الجبان، امضي في طريقك وبين جنبات الأمل والرجاء والواقع حدد موقفك ولا تشغل بالك بغيرك؛ فمن الأفضل أن يكون أمامك أسد مفترس على أن يكون خلفك كلب خائن ولا تتوقف عند سطر حزين قد تكون النهاية جميلة وتظاهر دائمًا أنك بخير مهما عصفت بك الحياة، الكتمان أجمل بكثير من شفقة الآخرين عليك لا تغضب حين يقابلك سفيه أو منفوخ كاذب أو صديق حاقد رغم طول العشرة والمخالطة، ليس غريبًا أن ينتقم هو منك لأنه حاقد حاسد مغلول بسبب نعمة منحها الله لك، فتراه يفشي أسرارك ويعدد عيوبك ويطلق عليك الألقاب السيئة لا لشيء إلا لدنائته، فقمة الخيانة أن تصدر من خائن قريب اتخذك جسرًا يصل به إلى مبتغاه، وإن صنعت الفضيلة لا تندم عليها أبدًا وجرب صديقك ألف مرة قبل أن تثق به فإذا طعنك من الخلف فاعلم أنك في المقدمة وهو لا يستطيع اللحاق بك.

 وأجمل ما يبنيه الإنسان هو جسر من الأمل فوق جحور من اليأس والإحباط لأن الدنيء يسعى دائمًا لما لديك ولدى الآخرين ومن رضع من ثدي الكذب والخيانة دهرًا يرى في الأمانة والحرية واختلاف الرؤى خرابًا وشرًا، واعلم أنك حين تبني جسرًا من الود والأخلاق والاحترام مع الناس ودفع الظلم عنهم فإنك تبني جسرًا مع الله يدوم عمرًا بعد مماتك.

فأجمل البناء الذي يتحدث عن صاحبه وهو أجمل ما تتركه ثروة لأبنائك يعيشون عليه دهرًا واجيالاً تتوارثه واحمد ربك أنك تغسل وجهك في ثلاث دقائق ويكون الله في عون صاحب المئة وجه.

انهض من عثرتك وتذكر اقتران اليسر بالعسر دون فاصل بالمعية لقوله تعالي (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا) مرتين تأكيدًا من العلي القدير أنك في مأمن عنده فما كتبه لك الله لن يستطيع مخلوق مهما علا أو كان أن يزحزحه عنك أو يبعدك عنه فالخير من الله والشر من البشر وامتحان من الله على الصبر وقوة تحمل البلاء، انهض لملم أفكارك وحدد آمالك وكن مع الله في الخير تجده معك واجعل كل عمل تقوم به لصالح الناس ومرضات الله وقدم أملك لله رافعا أكف الدعاء والاستغفار بقلب يملأه الرجاء والتضرع.