أخبار عاجلة

” يفوح البيت ” قصيدة للشاعر ” هشام حربي “

فهب أنى عرفتُ البيتَ – وهو مشابهٌ للوشم – من أغصانِ غرّته ومن عشبٍ على الشباكِ ، من بعض الفراشات التى كانت تنادينى ، يكونُ البيت أنفاساً وأضواءً وتاريخاً وذاكرةً تحيل الدفء أغنيةً ، وهب أنى وصلتُ إليه من جهةٍ تركتُ خيوطها عمداً لتعرفنى ، وحين رأيتُ أغصانى تميل بغير مااعتادت لتدرك من زهور السور ما عرفَتْ ، يكون السور كالأحضان يدنى لائذاً يأتى ، ويلمع فى تودده ، ويشرقُ زهرهُ دوماً ، لتعرفه جموع الطير ، هب أنى ودون تردد ناديتُ ، هل ستقول باللغة التى كانت ، نعم ناديت باللغة التى استودعتُها بالباب ، هب أنى سمعتُ الصوتَ يَخرج من فمى همساً بلا لغةٍ ولا لون ليعبُرَ من خلال الشوق بعض قيود أعتابى ، وهب أنى وقفتُ أشاهد الأزمان وهى تمرُّ من كفى على الطرقات تمنحها جهامتها ، تَراها فى خطوط الشيب وهى تعاود التحديق ، تسمح لانهيار السور أن يتسلق الأشجار حتى تشرق الشمس التى فى الوشم ، هب أنى على الطرقات منذ رأيتها تسعى على الجدران ترفعها وتستلقى على الأعشابِ ، هب أنى أخاف الآن ، هل ستقول كيف يخاف من يمشى على ماءٍ ، نعم سأخاف من أعشاب ذاكرتى ، ستسمع همهمات الماء وهو يعدُّ خطواتى ويجدلها على زفراتِ أنفاسى ، لترجع فى جوار البيت ، كنتُ أحاول التوفيق بين الصد والإقبال ، كنتُ ألامس البيت الذى فى الليل أبسطه على مهلٍ وفى أنغام أغنيةٍ ، وكنتُ أحدث الطير الذى سيمر بالحال التى فارقتُه فيها ، فهل ستلامس الأحجار أنفاسى ، فتعزف آهةً تسرى ، بها سأسابقُ الألحانَ وهى تشير للأرض التى نبتتْ عليها الدورُ ، إنى هاهنا أهذى ، وتفلت من يدى الأيام ، هل ستظل تذكرنى؟ ومازالت على عينى تقاويمُ الجهات الخُرس ، لاأدرى لها إسما فكنت أشير للصبار وهو يقوم فى جهةٍ وكنتُ أمرُّ مذهولا أراقب غيمةً تمشى كسير الطير ، أستدعى خرافاتى ، وأعرف أن باب البيت منظورٌ ليعرفنى ببعض الحزن حين أمر بالصبار وهو علامةٌ تبقى ، ولى فى الحزن أزهارٌ سأعرف عندها بيتاً تفوح عليه.