أخبار عاجلة

حاتم عبد الحكيم عبد الحميد يكتب : الدين لا يعرقلك بأن تصفق للحكمة التي تجدها مع الآخر

رائع الاطِّلاع على كل ما هو مفيد ، حيث أن الدين لا يعرقلك بأن تصفق للحكمة التي تجدها حيث كانت ..
– ” رأس الحكمة مخافة الله … مخافة الرب هي عبادته عن معرفة . العبادة تحفظ القلب وَتُبَرِّرُهُ، وتمنح السرور والفرح” (سفر يشوع بن سيراخ ١ / ١٦ : ١٨)
– “الرب يُعطي حكمة، من فمه المعرفة والفهم” (الأمثال ٢: ٦).
– ” لا تحكموا حسب الظاهر بل احكموا حكمًا عادلًا ” (إنجيل يوحنا ٧: ٢٤)

وتحياتي للكنيسة وشعبها في وصف الله بأنه محبة . فالحق المطلق ليس مع فكر محدد والباقي لا قيمة لهم ، بل الأفكار والمعتقدات المختلفة حول الله تعطي إسهامات في معرفة مدى تقبل البشر لله الغير مرئي . فيعبر الإنسان عن رؤيته بمنظوره الشخصي أو أن يؤمن بمعتقد محدد يقبل به وراثيا أو إيمانا متعقلا ؛ ليفهم الله من خلاله ..وبالفعل كما يقول الكتاب المقدس بأن : ” المحبة لا تسقط أبدا ” .
فهل وصف المحبة راجع إلى معتقد فطري ومنطقي ؟!
من هذه النقطة نبدأ وجهة نظر أخرى 
* فالكنيسة تؤمن بأن :
– ” فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض. وتأسف في قلبه. فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته. الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء. لأني حزنت أني عملتهم” ( سفر التكوين ٦:٦ )
نلاحظ : لن أتحامل على تفسير النص ، بل أحدد بدقة : حزن الرب وتأسفه أنه عمل الإنسان ؛ بسبب كثرة الشر . مما يجعلنا نفهم أن الله يريد إثبات كثرة الشر من الإنسان فيحدد عبارات قاسية وكأن الإنسان فصل الشراكة والعلاقة مع الله ؛ فالله لا يريد ذلك ، فمن الأفضل عدم وجود الإنسان من أن يفعل الشر الكثير .
_ بعدد آخر :” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد حتى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكن له الحياة الأبدية” ( يوحنا ٣: ١٦ )
نلاحظ أيضا : حتى لا يهلك كل من يؤمن به ، أي بإيمانك لا شئ إلا أن يحب الله العالم ويضحي بابنه على الصليب .

* من هنا نفهم أن محبة الله بالمسيحية ؛ هي تضحية الله بأن اتخذ جسدا وتم صلبه وموته ؛ حتى يمحو خطيئة آدم التي يجب أن يمحوها بعقوبة _ حسب معتقد الكنيسة _
وتوضح لنا الكنيسة لتبرر لماذا العقوبة بالموت ؟
فتجيب الكنيسة : لأن الله عادل ، يمحو الخطيئة عن آدم وذريته ، ولكن يجب تضحية وموت على الصليب لمحو للخطيئة أولا .
نناقش :
– قام المسيح من الموت = قام الله من الموت .. أعتقد ستعيد التفكير بالأمر مرة أخرى إذا كنت غير مسيحي .
– هل العدل أن يقوم شخص بفعل خطيئة ويأخذ بذنبه كل العالم ، ومن الأساس ليس هو من بدأ بالخطيئة بل حواء _ بحسب الكتاب المقدس لدى الكنيسة .. سؤال يطرحه أي شخص عندما يدرك مثل هذه الموضوعات .

– عندما يضحي الله من أجل رفع الخطيئة ، أيكون بعصر المسيح والسيدة مريم ، ويترك البشرية من آدم إلى ذلك العصر دون تدخل ، فلماذا أتت المحبة بوقت متأخر جدا ؟ .. ليس تشكيكا بمعتقد بل منطق لإعادة قراءة ما هو مطروح لقبوله أو رفضه .

– جاء ليموت على الصليب ويمحو خطيئة آدم التي ورثها لنا بحسب أفكارك الحالية ، فلماذا يحاكم محاكمة كراهية اليهود ، غير التي تجسد من أجلها – خطيئة آدم – . فمن المفترض تحريض الشيطان ألا يموت لا أن يحرض الشيطان النفوس كي يموت ويمحي عن البشرية المتاعب ، فالشيطان لا يفعل الخير لنا .

* * * *
الله المحب بالتناول الإسلامي بحسب ما يفهم المسلم :
– ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير “ (١٣ من سورة الحجرات)
– ” والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما “
( ٢٧ من سورة النساء )
– وهب الله لنا ثنائية بالأرض للتبادل والتكامل : ليل ونهار .. ذكر وأنثى .. شعوب وقبائل ، تنوع يعطي تداول حياة واستقرار و تعارف .
– فالمحبة بالصبر والرحمة والعفو ، ومنح فرص وتجارب للتوبة ..
تكون أيضا بألا تزر وازرة وزر أخرى ، وطبيعة الإنسان واحدة فخطأ أحدها لا يورث لغيره ، وكل نفس بما كسبت رهينة . الإسلام يُلخص لك الموضوع بكلمتين عن الطبيعة البشرية :
” وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ” البلد ، آية ١٠ ؛ أي الطريقين – الخير والشر ، الهدى والضلال – .

– وأما عن التوبة لآدم ..
” فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ” سورة البقرة ، آية ٣٧ .
فلم يصر على الخطأ بل ندم واستغفر ، وطلب الرجوع إلى الله ..
ويضع الله بالقرآن قاعدة للبشرية : ” وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ” سورة فاطر ، جزء من آية ١٨ .. أي لا تحمل نفس آثمة ذنب نفس أخرى . ويؤكد الله أيضًا :” كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ” المدثر ، آية ٣٨ .
– والمحبة في الحرية ” لا إكراه في الدين ” ( ٢٥٦ من سورة البقرة ) ..
– المحبة في الحكمة والعدل : ” لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ “ ( ٢٨٦ من سورة البقرة )
* * * *
ما يجب أن نتفق عليه هو أن : محبة الله هي عطاء غير مشروط بشكل عام ، ومنطق عادل يجعلك تؤمن بتعقل الله .
وتجد المسلم يقول : نعبد الله بقوة إيمان غيب ؛ لأنه ليس بحاجة أن يظهر الله له فترة ، أو يرسمه بصورة ليضعها موضع الصلاة أو بالمنزل ؛ لأنه المسلم يعرف أنه يرى الله بعقله في الأشياء من حوله .
كما أن المسلم شديد الإيمان بالملائكة غيبيا ولا يقوم بالاعتماد على رسم الله الناسوتي الصورة الإنسانية أو والدة الله – كما يعتقد المسيحي – أو ملائكة الله كي يؤمن .
وعلى الجانب الآخر يتهم المسيحي معتقد الآخر بأن محبة الله غير مكتملة إلا بتضحية الله بنفسه ويكون بفترة إنسان ويموت كشهادة واقعية لحبه للبشر وإزالة خطيئة آدم الإنسان الأول .
والمسلم يعتقد أنه يؤمن كما إيمان فطرة آدم نفسه ومرورًا بالنبي نوح إلى الأنبياء موسى وعيسى ومحمد، وأن الله ليس كمثله شىء .

وبشكل عام الرسالات السماوية ( التوراة والإنجيل والقرآن ) متصلة وجذورها واحد بعيدًا عما تم الاختلاف والخلاف حوله عبر التاريخ ، والاختلاف والخلاف ليس بالهين بل خلاف عقائدي واضح جدا من حيث طريقة وأركان الإيمان والطقوس ، لكن يبقى اسم الله وصفاته بكلام يستحق القراءة .

****
انتهت كلماتي هنا ولكن لم تنفد إنسانيك ولا تفكيرك ، ولم ينفد صبرك بالبحث ، ولم يؤثر على مشاعرك العناد والكراهية بل لا يصدمك ظهور مفاهيم أخرى غير التي تربيت وتثبت عليها ؛ فاحتمالية ظهور الحقيقة التي تغاير أفكارك غير مستحيلة . ولا أدعوك لاتباع أفكار ومعتقدات بينما هو إعلان إيمان مع البحث بما عند الآخر وإن لم تتفق لكن لا تترك بالجملة واجعل لك قراءة وفتش الكتب .