أخبار عاجلة

الجوهري يرصد التماهي بين الديمقراطيين والجمهوريين في صفقة القرن

 

نشر الدكتور حاتم الجوهري أستاذ النقد والدراسات الثقافية المنتدب بالجامعات المصرية والمشرف على المركز العلمي للترجمة بهيئة الكتاب، دراسة جديدة في عدد مجلة ميريت الثقافية لشهر نوفمبر الحالي، بعنوان: “صفقة القرن بين الديمقراطيين والجمهوريين.. تفجير التناقضات العربية وسبل مواجهتها”، وتاتي الدراسة في سياق متصل من عدة دراسات نشرها الجوهري متصديا لصفقة القرن منذ سنوات عدة، قام فيها بالرد على دعاة الاستلاب للصهيونية من العرب والمصريين والمروجين لصفقة القرن، ومفندا في الوقت ذاته أطروحات الهيمنة الأمريكية والصهيونية التي صاحبت الصفقة ووصلت ذروتها مع “الاتفاقيات الإبراهيمية” التي استمر حضورها حتى بعض رحيل دونالد ترامب.

وتنظر دراسة حاتم الجوهري الجديدة التي نشرت هذا الشهر في موقف الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن تجاه القضية الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط عموما، وترصد التحول في موقف الرئيس الأمريكي الجديد من صفقة القرن والاتفاقيات الإبراهيمية، التي ادعى رفضه لها في بداية توليه الحكم وسعيه للتخلص من كل القرارات التي قام به سلفه الجمهوري دونالد ترامب، في حين ما يقوله الواقع أن بايدن سيتبنى شيئا فشيئا تفاهمات صفقة القرن، ويجعل الدراسة تطرح فرضية أن الديمقراطيين سيقدمون نسخة خاصة بهم من صفقة القرن والاتفاقيات الإبراهيمية لا تختلف كثيرا عن النسخة الأصلية سوى في الشعارات، وفي السياق نفسه تكشف الدراسة أن تكتيك تفجير تناقضات “مستودع الهوية” العربية التي اتبعها دونالد ترامب لتمرير الصفقة، ستتبعه إدارة جو بايدن كما جرى في “اجتماع النقب” و”قمة جدة”، من ثم ستتناول هذه الدراسة مباحثها لتختبر فرضية اتباع الإدارة الأمريكية الجديدة لتكتيكات تفجير الناقضات في مستودع الهوية العربي، مع طرحها فرضية بديلة تقوم على تسكين التناقضات التي فجرتها الإدارة الأمريكية السابقة والحالية.

فالجدير بالذكر أن الدراسة تطرح في فرضيتها لتفجير النتاقضات في صفقة القرن بنسختيها الجمهورية والديمقراطية، تفسيرا نظريا لحركة التاريخ وفلسفته باعتباره نتاجا لمحصلة الجغرافيا (الأم) والهوية المكتسبة (الأب)، وقدمت تصورا رئيسيا يرى أنه في فترات التدافع الحضاري وتراجع أمم وصعود أخرى كما يجري في المنطقة العربية؛ يحدث عملية تفجير للتناقضات في مستودع هوية الأمم المتراجعة، لصالح مستودع هوية الأمم التي تسعى للتمدد، وبتطبيق الفرضية النظرية على الحالة العربية الراهنة اعتبرت الدراسة أن عملية التمدد الحضاري التي تقوم بها الصهيونية وأمريكا في الظرفية الحالية، تستند لتفجير التناقضات في مستودع الهوية العربي من خلال المكون الديني الطائفي ضد إيران، والدعوة لإقامة “حلف ناتو شرق أوسطى” وطرح بدائل للهوية العربية تتمثل في دعم “الاتفاقيات الإبراهيمة” ونسخة معدلة من “صفقة القرن”، ومن ثم تطرح نمطا استشرافيا بديلا للمستقبل يقوم على التدخل بمقاربة “تسكين تناقضات مستودع الهوية” لإيقاف عملية التقهقر الحضاري وتفجير التناقضات في مستودع الهوية العربي.

هذا وقد اتبعت الدراسة منهج التحليل النقدي الثقافي للكشف عن الأنماط الأساسية التي يجري تمريرها والعمل من خلالها، في تتبع السياسة الأمريكية تجاه قضية فلسطين ومنطقة الشرق الوسط، وصولا لطرح البديل في مواجهة تلك السياسة ونسقها السياسي الحامل لها، وقد تكونت الدراسة من خمسة مباحث هي أولا : تفجير التناقضات وصفقة القرن بين الجمهوريين والديمقراطيين، والذي ضم العناصر: بايدن ونسخة ديمقراطية من صفقة القرن – اجتماع النقب وإعادة تشكيل الإقليم هوياتيا – قمة جدة وموقف عربي مغاير للتوقع الأمريكي.

 وثانيا: الصراع الهوياتي في فلسطين وحرب الأعلام في عهد بايدن، والذي ضم العناصر: حرب الأعلام وتصاعد الصرع الرمزي- تاريخ مسيرة الأعلام والصهيونية الدينية وحربها الهوياتية- قانون حرب الأعلام الجديد ووقائع دالة في الصراع.

وثالثا: الصراع الهوياتي في مصر وصفقة الديمقراطيين، والذي ضم العناصر: الصفقة ونهاية فلسفة الكويز”القديمة” والأزمة الهوياتية – معضلة تيار التطبيع القديم ومقاربة التكيف مع سيادة الآخرين – الصراع الهوياتي بين فريقي سيادة الآخرين و استعادة الذات.

ورابعا: خطاب الاستلاب الهوياتي والصراع في عهد بايدن، والذي ضم العناصر: مراد وهبة والثنائية الهوياتية “الأصولية والعلمانية” – خطاب الاستلاب الهوياتي عند يوسف زيدان في عهد بايدن- مصطفى الفقي وظهور تيار الاستلاب للآخر في سد أثيوبيا،

وخامسا : إدارة الصراع الهوياتي ومقاربة تسكين تناقضات الهوية العربية: فرضية تفجير التناقضات الهوياتية في فترات الصراع الحضاري- الفرضية المضادة وتسكين التناقضات في مستودع الهوية العربي- المراكز التاريخية ودورها في فرضية تسكين التناقضات.

وكان حاتم الجوهري قد أصدر عدة كتب في تفكيكه لجذور الحركة الصهيونية ورافدها التاريخية، منها: “خرافة الأدب الصهيوني التقدمي” التي كشف فيها عما يسمى تيار “الصهيونية الماركسية” ودوره المركزي في التأسيس النظري والواقعي لاحتلال الأرض العربية في فلسطين، وكذلك أصدر الجوهري كتابا بعنوان :”نبوءة خراب الصهيونية” كشف فيه عما أسماه “تيار الصهيونية العدمية” وتحول الكثير من المستوطنين إلى التصور العبثي للمشروع بعد حرب 1948م، وكذلك قام الجوهري بترجمة كتاب جان بول سارتر المعنون: “تأملات في المسألة اليهودية”، وكشف فيه عما أسماه “الصهيونية الوجودية” والتفسير الفلسفي الداعم الذي قدمه سارتر للصهيونية بوصفها التمثل الوجودي الفعال الأبرز ليهود أوربا والعالم.