أخبار عاجلة

في ندوة لتكريمه بجاليري ضي بعنوان ” ٦٠ عاما من المقاومة”..  

 

عز الدين نجيب:  الفن بلا قضية عبث والفنان طليعة الثورة والتغيير

 

رضا عبد السلام : ثلاث مراحل أساسية في إبداع عز يلخصها شعاره المقارمة عصب الحياة

 

سامي البلشي : بين رومانتيكية الثورة  وتراجيديا النكسة خرج عز للصحراء  باحثا  عن الحقيقة

 

طارق الكومي:  القيم الجمالية عند عز تغري  بالنحت لأنه مهتم بالكتلة والفراع والضوء

 

هشام قنديل: الفنان ضمير وطني لا يقبل الهزائم ولا يتوقف عن الإبداع

 

أكد الفنان التشكلي الكبير عز الدين نجيب أن الفن  بلا قضية  عبث مهما كان المستوى  وأن الفنان بلا موقف واضح من قضايا وطنه  لن يكون فنانا حقيقيا،  لأن الفن كلمة ولوحة وثورة، وأن هذا لا يعني أن يقدم الفنان منشورا سياسيا  في أعماله بل عليه أن يكون مبدعا  ذا موقف.

جاء ذلك في الندوة التكريمية التي نظمها  جاليري ضي مساء أمس على هامش المعرض الاستعادي لأعمال عز الدين  نجيب عبر مسيرته، التي بدأت  في العام ١٩٦٢ عقب تخرجه في كلية الفنون الجميلة

وقال الفنان والناقد انه حرص خلال  تاريخه على ان يربط بين إبداعه وموقفه السياسي من دون أن يتورط في ارتكاب لوحة مباشرة او دعائية.. فهو يستلهم من القضايا   جماليات تساند موقفه  في المقاومة  والحفاظ على الهوية التي يعدها  منهجه الفني والجمالي كما هي موقفه السياسي

 

الندوة التي شارك فيها كل من  الفنان الدكتور رضا عبد السلام أستاذ التصوير في كلية الفنون الجميلة والنحات الدكتور  طارق الكومي مدير متحف مختار  والفنان والناقد سامي البلشي  والناقد هشام قنديل،   استهلها الشاعر محمد حربي الذي أدار الحوار باقتباسات من مقولات كبار النقاد عن تجربة  نجيب ثم اقتبس من كلمات عز الدين نفسه

”  ثورة اللون

تجتاح عالم الوصف تختل الثوابت وتسقط الرايات  في كل يوم تنهار حياة ويولد زيف  فماذا بوسع الفنان أن يفعل ؟

في عالم العواصف أرى اللوحة قاربي  أبحث به عن منابع البركة وشواطيء اليقين لكنه بدلا من أن يحملني إليه يفع بي إلى قلب العاصفة . أتماسك حينا مستوحيا الرسوخ من الموروث  ولو كان أطلالا  وما أسرع ما  تدفعني العاصفة أو التمرد إلى الشواطىء الصخرية.  أتلاطم بقاربي بين أمواجها وصخورها من موت إلى موت

ها أنا بين سكون  يسبق  مبهورة بحبيبها الزاحف  وسكون يعقبها  مترع بالموت والاسئلة  أقف عاريا  مولودا من جديد مع كل لوحة تولد

أرأيتم  ماذا أعطاني الفن. أعطاني أعياد ميلاد  ضد الموت  بعدد اللوحات التي  رسمتها”

 

وقال نجيب:  عندي وجوه متعددة بين الرسم والنقد والعمل الثقافي والقصة والعمل السياسي , وهذا مثل لي مشكلات في مسيرتي . كنت أتمني أن أكون صاحب وجه واحد من تلك الوجوه لكن المسيرة مضت خلال ٦٠ عاما مارست فيها الفن وقاومت واليوم ترون ٢٣٠ لوحة تمثل الجانب الأكبر من الرحلة ولا تغطي هذه اللوحات كل المسيرة لكنها تشير الي مراحلها الأساسية

و الإبداع عندي  لا يقاس بالكم وانما  القيمة .. وهذه الندوة واللقاء معكم مثل لي امتحانا  لقياس هذه القيمة. واتمني انها تكون لصالحي لا عليّ فلا يوجد كبير علي الفن، و مسيرة أي فنان قابلة للنقد والتحليل وحتي للإزاحة،وللزمان رأي مهم في تقييم العمل الفني حيث انه بعد سنوات يختلف الحكم  علي العمل عما كان  عليه الحكم في وقت إنتاج الشباب لهذه الأعمال وسنترك الحكم على قيمة أعمالي للزمن

 

وتابع نجيب : واذا كان الزمن قد أخذ مني الكثير فقد  أعطاني الاكثر ,, وأهم ما أعطاني في هذه المسيرة هي القدرة على المقاومة. ففي كل وجه من وجوه نشاطي الفني والسياسي كانت هناك  سدود وعثرات ونجاحات  وثمن دفعته  وتحقيق وعقاب وتدمير لمرسمي وتهميش ونفي من الوسط الثقافي لسنوات طويلة

لكني تعلمت من المسيرة أنه لن ينقصني إلا نفسي . ومقاومتي لم تكن للرفض والتدمير بل   كانت  للوقوف ضد السائد والمألوف و التحليق خارج السرب ولذلك  كانت حصني ضد اليأس

وفضلت ان  أمشي علي الجمر وأمسك الشوك . و كان لدي يقين من سن مبكرة أنه سيأتي يوم وأرى زهوري الصغيرة تكبر و السيقان الرفيعة تصبح أشجارا وأرجو ان يكون هذا الحلم قد تحقق ليس بالنسبة لي كشخص او كفنان ولكن كمشروع آمنت به طوال عمري .. ان المثقف كلمة وثورة وان الموهوب يجب ان يكون في الطليعة ليس في المؤخرة كما يبدو الواقع الآن في حياتنا السياسية والثقافية

 

المراحل الثلاث في المسيرة

 

وقدم الفنان  الدكتور رضا عبدالسلام  أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة مداخلة نقدية حول مراحل إبداع  عز الدين نجيب قال فيها:

 

تربطني علاقة حميمية بالفنان عز الدين نجيب. وأنا طالب بالفرقة التالتة والرابعة كنت أتردد علي المسافرخانة ووكالة الغوري والقاهرة الفاطمية للرسم هناك و وكنت  أذهب لزيارة الفنان  عز في المسافرخانة … وتعرفت عليه  وعلي انشطته المتعدده  في منتصف السبعينيات. ومن وقتها ونحن  علي تواصل دائم وقد تابعت  أعماله باستمرار وكان لدي فرصة للاطلاع علي كتاباته الإبداعية كما علي لوحاته  في فترة الستينيات .. وانا أقسم  سيرة الفنان إلي ٣ مراحل .. الأولى مرحلة الستينات والسبعينات وهي مرحلة تكوين منهجهه  وفيها بني شخصيته  الفنية  متأثرا مثل الجيل الذي صعد معه بالمد القومي والتحول الذي حدث في مصر في بداية فترة الستينات عقب تخرجه في كلية الفنون  ثم مرحلة الثمانينيات والمرحلة الألفية

و عند حكمي علي أي فنان لا أحكم علي أعماله بالمقارنة مع جيله فقط وانما أقدر مكانته بالمقارنة مع من سبقه ومن عاصره ومن أتى بعده وبذلك أستطيع تقدير مكانته الحقيقية وسط المجال .

ولدى عز شعار أساسي  وهو” المقاومة عصب الحياة” .. وان ترجمنا هذا الشعار بالمعني الفلسفي والجمالي سنراه موجودا في أعماله  لانه مناضل مكافح و ومقابر في الفن كما في السياسة

وفي فترة الستينيات كان هناك  قواسم مشتركة بين الجيل او لدي معظم الفنانين  تجعل الجميع لا يتجاوز هذه المرحلة بسهولة وانما يقف أمامها وتجذبه

وكما قال الراحل  بيكار فإن  العجينة اللونية عند عز  الدين نجيب معجونة بطمي الأرض وفيها دفء وطاقة وإحساس .. وبالنسبة لمرحلة الستينيات والسبعينيات في مسيرة عز نجده مرتبطا بالمناخ السياسي والاجتماعي … وهي مرحلة مزدهرة فنيا بشكل كبير ففيها التمرد الفني علي الجيل والخروج إلي نهار الفنان نفسه وتقيم ذاته مستقلا  في قيمه عن معاصريه وفيها ظهرت جوانب عز المتعددة فهو  فنان تشكيلي وناقد تشكيلي وقاص بالإضافة لعمله العام وكل مجال يخدم الاخر . فعمله  كناقد  يؤثر عليه كفنان فعندما يرسم فانه يتوخي الحذر لخوفه من الانتقاد فيكون حساسا ودقيقا جدا تجاه تجربته لخوفه من انتقاد الفنانين  له مثل انتقاده لهم ..

وحينما يكون الفنان كاتبا او شاعرا نجد ان الاثنين يتدخلان  وأنا أرى أن عز يكتب بالريشة ويرسم بالقلم

وبعد مرحلة التردد في السبعينات التي تماهى فيها الفنان ولوحاته مع موقفه السياسي من دون سقوط في المباشرة جاءت مرحلة الثمانينات  التي بدأت مع الخروج ألى الهامش الصحراوي في سيناء وسيوه ورأينا مرحلة اللوحة الواحة التي دخل فيها عز بريشته الى قلب الصحراء  يستجلي الطبيعة ولا يرسم المنظر فقط بل يضيف إليه من روحه. واستطيع ان أسمي هذه المرحلة  التجربة الروحانية   عند عز الدين نجيب  وقد امتدت هذه المرحلة معه إلي الآن. وكنت أنتقد ذلك وأرجو  منه ان يخرج من أسر تلك التجربة الفاتنة في معانقة الطبيعة. لكنني الآن بعد ان نضجت أنا ايضا   أرى ان الجانب الروحي أكسب اللوحات أبعادًا متعددة  فلا نرى تكرارا هنا او ثباتا هناك. بل نري عز يقدم تشخيصا رمزيا في لوحات تبدو تجريدية لكنها ليست كذلك فهو تعدد الرؤى. ونستطيع ان نرى الانسان  ولو كان مختفيا  في اللوحات الجبلية.   ولم  يكن يهرب من الواقع كما كنا نري  من قبل بل يمكن ان نقول انه يبحث عن واقع جديد  مستلهما رحابة الطبيعه وتعدد صورها وألوانها.

 

النحت اللوني

وفي مداخلته قال الفنان طارق الكومي مدير متحف مختار : هناك فنانون  جعلوني أحب الفن وأحب ان أكون فنانا ومنهم الفنان الكبير عز لدين نجيب. وقد أعجبتني في  أعماله لعبة الضوء والنور والظلال واهتمامه البالغ بمفاهيم الكتلة والفراغ وكأنه  نحات قدير

واذا نظرنا للوحته في المعرض نستطيع ان ندرك ذلك فورا. فقد استلهم قيم العمارة وحولها الي اللوحة موظفا الكتل والألوان والنور  ببساطة وانسيابية.  كفنان مختص بالنحت اقول بيقين ان  كثير من لوحاته  نستطيع ان نحولها إلى منحوتات  او نستلهمها في أعمالنا،  فهي  تمثل  اداءا فنيا رفيعا يجمع بين قيم الفن كلها. ففي لوحة هنا نستطيع ان نقرأ وجوه البشر في الصخور ووجوه وأجساد الطيور وان نري أساطير قديمة وشخصيات من الماضي  مثل ابي الهول وسيزيف الذي دخل في الصخرة وتماهى معها بعد ان أتعبه حملها في الأسطورة طويلا

في أعمال عز الدين نري اهتماما بالغا بالضوء وهذه سمة اساسية في أعمال الفنان المصري بشكل عام   وخاصة اولئك الذين استلهموا الطبيعة المصرية الفريدة في ضوئها

وفي لوحات الجبال  التي يستلهمها كثيرا نري  تمثيلا لقيم ثرية ففي إحداها يمكننا ان نلمح شهيدا مستلقي تحيط به صخور علي الجانبين تأخذ حيزا من الفراغ يوزع فيه الوهج اللوني او الضوئي يمينا ويسارا.

 

وفي البيوت التي يرسمها عز كثير من الإنسانية من دون وجود تشخيص  للوجود الإنساني. فالبيت نفسه  بتكوينه الذي يجمع بين الصلابة والليونه والانسيابية نستطيع ان نراه  كبشر  كما ان البيوت عامة هي الأثر الباقي من الإنسان.

وقد  تعلم عز كثيرا  من الأطلال في قراءته للطبيعة  ولم يقف عند الجبال والرمال  فقط، بل درس اثار البشر  وتوقيعاتهم على جسد الأرض وخرج الينا  بلوحات  تفيض بالإنسانية ولو لم يظهر فيها الإنسان.

وعلي الرغم من اهتمام عز بقيم التراث الفني الا أنه لا يتنكر لقيم الحداثة بل يهضمها ويوظفها لخدمة خطابه الفني. فهو  يجيد  بناء لوحته بمزيج دقيق من تراث الفن المصري علي امتداده من قديم الزمن  حتي الوقت الراهن، ولا يفر من الحداثة التي جاءت إلينا من أعمال الرواد لأنه يؤمن بضرورة مواكبة العصر  وتوظيفه برؤية  خاصة للفنان  لا يكون فيه تابعا لأحد.

 

رومانتيكية تراجيدية

 

كانت الهوية المصرية حاسمة فى أهم أعمال عز الدين نجيب فهو عاشق للناس والمكان. يحتمى بالبيوت ويتغزل فيها ويحرف فى تكويناتها ليستنطقها. والأحجار عنده مسكونة بالتعبيرات الناطقة التي تنقل ما  بداخل الفنان من تحد وصمود فى أيام الإنكسار. يلهمه السد العالى وتراث النوبة، وبيوت الواحات والصحراء، وأرض سيناء، وكأنه يكتب باللوحة وصفا انسنيا لمصر الحديثة.

هكذ استهل الفنان والناقد سامي البلشي مداخلته النقدية حول تجربة  عز الدين نجيب وتابع:

يبحث  عز عن الوطن وقضايا شعبه فى هذه الدراما التشكيلية وفى تلك التأملات الرمزية  المرتبطة بالخيال والرومانسية ، المبنية على إيقاعات خطية ولونية محسوبة. شخوصه معظمها فى حالة من التساؤل والإنتظار والترقب.

وعز  فنان يعيش بين  الرومانسية والتراجيديا، بين الشوق والخيال بين الرغبة والحب وكل هذه الثنائيات نراها في العلاقات الإنسانية التى شكلتها لغته البصرية لحوارات بين الرجل والمرأة منذ الخليقة وحتى الآن، وجميعها مرتبطة بالأرض والسماء. واللغة البصرية التراجيدية وثقتها خطوطه وألوانه فى البنايات التى استلهمها من البيوت الصحراوية وبيوت الواحات التى وجد فيها حوارات ملهمة بين الضوء والظلال، وأيضا التى ترتبط بالأرض والسماء . فالضوء والظلال لهما علاقة بالليل والنهار، والحق والباطل، والموت والحياة، والقيود والحرية.

 

ولانستطيع أن نغفل  ونحن نقرأ السيرة الآن  -الحياة التى عاشها الفنان فى ريعان شبابه من أحلام ثورية رومانسية قابلتها هزيمة 1967 لتشكل حالة تراجيدية وتضعه فى متناقضات ، تفتح أبواب الرؤية الى عالم متسع يسمح بالهروب بتلك النزعات الى أطراف المدن ليتأمل الأفق، وينظر الى السماء، ويبحث فى البيوت الطينية عن معنى الوجود، فتكون الألوان البنية بدرجاتها والزرقاء بدرجاتها من لقائه المتواصل بينهما ويكون الأصفر مرتبطا بالصحراء.

كان بإمكان عز الدين نجيب أن يتناول الثورة بشكل مباشر. لكن علاقاته وصداقته بسياسيين ومفكرين بعضهم يتحفظ على أداءات الناصريين ، جعله يفكر فى تغليف أفكاره ورؤاه  بفلسفة ترتبط بالروحانيات والرؤى الصوفية للوجود. ولذلك تناول الفن برؤية بصرية غير مباشرة أخذته الى هذا العالم الفسيح الذى نراه الآن فى هذه اللوحات المتداخلة بين رومانسيته وتراجيديته.

 

وقال البلشي إن عز لم تغره مدرسة أو إتجاه فنى طوال حياته لنقول أن عز الدين ينتمى الى مدرسة كذا أو الاتجاه الفلانى لكنه استفاد من الخبرات والأساليب واستمر طوال حياته بأسلوبه باحثا متصوفا بثورية  عن الحقيقة فى البنايات والصحراء وحركة البسطاء لا يهتم بالعالم الخارجى فقط، ولكن يربطه بعالمه الداخلى للحلم والخيال مستخدما بصورة لافته تقنيات الظل والضوء ليحطم العتمة  فنيا وجماليا وربما رمزيا.

قدم الفنان والناقد الكبير عزالدين نجيب 31 معرضا  خاصا  منذ عام 1964 حتى الآن أخرها هذا المعرض الإستعادى الذى نجلس بين لوحاته في قاعة ضي  ، وعشرات المعارض الجماعية والمعارض الخارجية في مختلف دول العالم، وله إصدارات أدبية لمجموعة قصصية، كما أصدركتابا بعنوان “فجر التصوير المصري الحديث” عام 2000 ، وكتاب أنشودة الحجر إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة 1999، وأصدر موسوعة الفنون التشكيلية من ثلاثة أجزاء عام  2008، وحصل على الجائزة الأولى في النقد الفني من المجلس الأعلى للثقافة عام 1982، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2014، وتم تدشين كتاب مهم لعز  يقدم فيه  قراءاته القدية لأعمال   ١٣٠ فنانا مصريا  تحت عنوان لافت هو الهوية

 

أب مؤسس

ومن جانبه قال الناقد التشكيلي هشام قنديل رئيس مجلس إدارة جاليري ضي ان التفكير في معرض الفنان الكبير عز الدين نجيب بدأ قبل سنوات ولكن الظروف تسببت في تأجيله…   “ورب ضارة نافعة فلم نكن قد افتتحنا هذه القاعة الجديدة للجاليري وهي مقر أكاديمية ضي للفنون وعندما افتتحنا صارت مناسبة لعرض مثل هذا العدد الضخم  ” حوالي ٢٠٠ لوحة” الذي  يمثل  كل مراحل إبداع الفنان الكبير الذي أتشرف بالتعاون مع منذ سنوانت وأتتلمذ علي لوحاته منذ فترة طويلة فهو  من الآباء المؤسسين لعملنا في ضي  بخبراته المتعدده فنانا وناقدا كبيرا يمثل الامتداد الحي للمدرسة المصرية في الفن التشكيلي  بإبداعاته الممتده علي مدي ٦٠ عاما  وعبر كتاباته النقدية عن فن التصوير المصري وعن الراحل الكبير جميل شفيق وقد  تشرفنا الأسبوع الماضي في افتتاح  المعرض بتدشين كتاب بالغ الاهمية لعز الدين نجيب هو الفن المصري وسؤال الهوية.  وهو الكتاب الذي قدم فيه الفنان  قراءات  بصرية في اعمال ١٣٠  فنانا  تحت سؤال الهوية المصرية التي تعد الشغل الشاغل له منذ بدأ مسيرته الفنية في  الستينات من  القرن الماضي

تعلمت الكثير  من  عز الدين نجيب في مجال  قراءة الأعمال الفنية والإحساس بعناصر التشكيل في العمل الفني. لكنني تعلت منه اهم الدروس  الفنية والسياسية والإنسانية وهو ان  على الفنان ان يكون ضميرا وطنيا وان يكون  له موقف من قضايا وطنه وأمته وان علي الفنان والمبدع ألا يقبل بالهزيمة والانكسارات وان يحارب العثرات التي يتعرض  لها وان يقوم منها كعصفور النار  من جديد.  فهذا رجل   حقيقي وفنان حقيقي لا يعرف الهزيمة ولا يقف بسبب العثرات او العراقيل   ويمثل بدأبه الفني والنقي والسياسي  نموذجا  فذا للفنان المصري المتمسك بهوية وطن في لوحاته وكتاباته النقدية  وعمله العام

***

فكري حسن

وعقب المداخلات النقدية  بدأ النقاش المفتوح مع القاعة الذي استهله   الفنان والأثري فكري حسن بأنه يتابع أعمال الفنان عز الدين نجيب من زمن بعيد  وقد يختلف مع الطروحات التي تحدثت عن الربط الشديد بين السياسة والفن  .. “فلا بد  ان يكون هناك فصل بين العمل الفني والقضايا ، ولا يعني هذا ان ينفصل عن واقعه بل  لابد له ان يرتبط بقضايا وطنه لكن الفن شيء اخر وليس ترجمة فورية للواقع او انعكاسا  مباشرا له . الفن تحكمه قاعدة جمالية حتي ولو كنا نرسم لوحة سياسية . وأخشى ان يكون للسياسة اثر سلبي في ان نقدم فنا موجها يحد من حرية الفنان في إبداعه الذي  لابد ان ينطلق من قيم جمالية أولا وأخيرا

وقد أثارت مداخلة حسن الكثير من الجدال حيث اعترض البلشي على فصل الفن عن السياسة او الفنان عن واقعه. وقال الفنان أحمد الجنايني ان الفنان لابد أن يكون ملتزما بقضايا وطنه ولا يهرب منها. لكن عليه ان يقول ذلك  بفن حقيقي وليس خطابا دعائيا.  ورد الفنان عز الدين علي ذلك بقوله انه  لا يؤمن بفصل السياسي عن الفني، لكن يرفض بشدة المباشرة في الفن لأنها ضد القيم الفنية وضد السياسة في آن مشيرا الي أن معظم لوحاته حتى في المراحل التي  كانت  أعمالًا سياسية بامتياز  لكنها كانت ايضا  أعمال فنية في المقام الأول

وتساءلت الناقدة فاطمة علي عن تحولات اللوحة عند عز وعن سر اختفاء الحدة التشكيلية وبروز عوامل وتكوينات الانواء والكهفيه اللونية في اعماله الأخيرة منذ التسعينات حتى الآن. و رد نجيب قائلا  انها حالة انسانية أعبر فيها عن حيرتي وهشاشتي الإنسانية ولا أفر من الواقع بل  أكشف عن كهفي ومخاوفي وهذا الهرب للكهف  والبحث عن خلاص هو موقف سياسي ايضا لا يتنكر للنضال

وسأل الفنان صابر مجدي لماذا  ينحاز الفنانون الي جانب المعارضة  ورد عز الدين  بقوله ان الفنان هو طليعة التغيير في المجتمع وانه لابد أن يتمرد على السائد والمألوف لأن الحياة قائمة منذ الازل  علي التغيير  المستمر.. لكن رسوخ الحجر  هو الخلود وقبول الحجر للتغيير هو الديمومة التي نحرص عليها . والمعارضة هنا ليست فقط سياسية بل فنية أيضا.

 

وعبر الفنان أحمد نبيل عن خوفه من غياب الإنسان في لوحات الصحراء والجبال والحجر، معتبرا أن عز فنان مسكون بالإنسان ومتاعبه .

فقال نجيب: الإنسان موجود حتى في الحجر والأعمال في المعرض هي إشارات إلى تجربة فيها ٢٣٠ عمل   قدمت فيها هنا ١٠٪ فقط ولكني أؤمن كما قال الأصدقاء بأن الأثر هو ابن الإنسان ٠