أخبار عاجلة

د. “دينا الجميلي” تكشف عن سر التميز في حياة العلامةالسيد الجميلي/ حوار أجراه: دكتور خالد عبد الغني

من واقع الخبرة المباشرة في دنيا الكتابة والبحث العلمي تيقنت من صعاب كثيرة .. من أهمها مجرد نسخ المخطوط المراد نشره فما البال بعميلة القراءة والبحث والتنقيب في المراجع والتأليف فيما بعد ،، ولفت نظري ذلك الحجم الضخم من المؤلفات والكتب المحققة التي تحمل اسم العلامة خالد الذكر ا.د. السيد الجميلي وبإحصاء سريع جدا لتك الأعمال التي تجاوزت المئات لا أعرف كيف ألفها والأهم أنها تكاد تستغرق أعمارا فوق عمره -السبعين عاما- إذا نسخها كمخطوطات قبل دفعها للمطبعة وكيف ومتى وجد ذلك الوقت لكل تلك الأعمال القيمة تأليفا وتحقيقا ، وأكاد أجزم بأنه ما كان لينتج لنا كل هذا النتاج لولا أنه كان في معية الله يبارك له في وقته وصحته وعمله بل وفي توفيقه لاختيار الموضوعات وقبل ذلك في تلك الإلهامات التي كانت تأتيه ليؤلف ويحقق في موضوعاتها ، والقبول الذي لاقته تلك الأعمال في المجتمع وحفاوة الناس بها لهي أيضا من ثمرات تلك المعية مع الله تعالى
والعلامة خالد الذكر الدكتور -السيد الجميلي- رائد من رواد الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، ويعد من أوّل الأوائل الذي يعرض الكلام المعجز من كتاب الله تعالى ومن أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان أول مؤلفاته “الإعجاز الطبي فى القرآن” الذي اعتكف على تأيلفه فى أوائل السبعينيات سنة 1973م -بعد تخرجه من كلية الطب مباشرة- وكان آنذاك فى الخامسة والعشرين من عمره .. كان رحمه الله عبقرية وموسوعة مبكرة .. ونُشر “الإعجاز الطبى فى القرآن” فى عام 1976 م ولاقى إعجاباً وتقديراً من العديد من رموز المجتمع.

في هذا اللقاء مع د. دينا الجميلي ابنة العلامة السيد الجميلي تحدثنا عن سر الأسرار في غزارة انتاج والدها العلامة الجميلي تأليفا وتحقيقا لكتب التراث الإسلامي.

دينا الجميلي
تقول د. دينا : المرأة العظيمة هى وراء كل نجاح يحرزه الرجل العظيم .. فوالدتى لها دور عظيم فى نتاج أبي لهذا الكم من العلم .. تصور أن والدتي حتى عند السفر إلى المنصورة كل أسبوع للإطمئنان على جدي .. فهى فى أثناء السفر لا تريد أن يضيع الوقت هباء بدون استفادة من التحصيل والقراءة لوالدي
فكانت تقرأ لوالدي فى شتى العلوم وهو يقود السيارة لا تريد أن تضيع أربع ساعات السفر على والدي بدون استفادة
هل رأيت مثل هذا النموذج من النساء أظن الإجابة بألف لا
-أتصور أن النجاح المدوي للعلامة الموسوعي السيد الجميلي يحتاج لدراسته كما وكيفا وظروفا أحاطت به لتصنعه مثل العادة التي اطلعتينا عليها سعادتكم معالي الدكتورة الموقرة دينا الجميلي ، ولابد أنه كانت له عادات خاصة ومرهقة ويصعب أن يقلده فيها أحد مثل أوقات القراءة والمطالعة والتأليف وفهرس العادات اليومية ومواعيد الطعام والشراب وعاداته والنوم والراحة ……. رحمه الله رحمة واسعة وأمد الله في عمر وبارك في صحة الزوجة المخلصة النادرة معالي السيدة الموقرة والدتكم ..

١
وتقول د .دينا الجميلي: والدتي كأنما فصلت خصيصًا لأجل أبي، طرقت أبواب قلبه بدون سابق موعد .. فكانت لمشيئة الله القول الفصل في الجمع بين الجميلى والحياة ، تلك الفتاة الطيّعة لربها ، البارّة بالقريب والبعيد ، ذات القلب النورانىّ والخُلق المريمىّ ، دائمًا ما كانت مُتفردة ، فحينما كانت عقول الكثيرات فى عُمرها أسيرةً لأبطال الوهم كان عقلها أسيرًا لأبطال الواقع ؛ أولئك الذين يبذلون الغالي والنفيس فى سبيل إنارة العقول ، أولئك الذين يجودون بالعلم ويُغدقون بالمعرفة أملاً فى تكسير أصنام الجهل وتبديد ظلمات التأخر والرجعية ، هؤلاء كانوا هُم الأبطال الحقيقيون فى نظر والدتي التي تمنَّت لو تظفر بأحدهم لقامت فى خدمته إجلاءًا واحترامًا ، وكأن الله قد اطّلع على مكنون قلبها فمنحَ قلبها ما يستحق وبُوركت العظيمة بالعظيم .. قِيل أن الأرواح تمامًا كالأقطاب حين تتجاذب ترتبط برابطة قوية يصعب تكسيرها ولو بأعتى الوسائل كذلك كان أبي وأمي ..
-هل تحدثينا عن بداية التعارف ؟
تقول د . دينا الجميلي : حينما جاءها النداء من أبي أن خُذي بيدي لنسير معًا في هذا الطريق لبّت والدتي النداء بكل حُب غير آبهةٍ بما قد تُلاقيه خلال هذا الطريق من صعوبات وحرمان من جوار الأهل والأحبة ، مُلقيةً عرض الحائط برغبتها الفطرية فى عيش الرفاهية التي تطمح إليها سائر النساء ، فكانت تجد بهجتها حين ترى أبي راضيًا .. وشغفها حين تجد عقله يلتقط فكرة ويرغب بالكتابة عنها فتدفعه دفعًا على المُضى فى فكرته الجديدة حتى النهاية وحتى صدورها فى كتاب .. تارةً بالتحفيز المعنوى وتعزيز ثقته بقدراته الفكرية والمعرفية وتارةً أخرى بمساعدته فى تجميع المصادر المتعلقة بالموضوع وتارةً ثالثة بمساعدته من خلال آلتها الكاتبة حتى تنتهى الرحلة وتُسفر عن كتاب جديد قيِّم بطله الظاهر السيد الجميلي -وإلى جانبه- بطله الخفي حياة ، فى سعادة أبي وفى حزنه ، في أوقات ضيقه وفي تعبه ، فى يأسه وفي أمله كانت هناك دائمًا وأبدًا والدتي ، تلك البطلة التي أعتزّ وأفخر لكوني ابنتها ، التي أتطلع بانبهار لصمودها وقوّتها فهي العصا التي أتكأت عليها روح أبي السيد الجميلي ..ي
-وماذا عن دور الوالدة الكريمة مع حضرتك ؟
تقول د . دينا الجميلي : والدتي ، هي ملكتي وفخري وقدوتي التي تشجعني دائما لاكمال ما بدأه أبي ، مازلت أرى بـ بريق عينيها نفس الشغف حين تجدني أسعى لإنجاز شيء ما والتي لا تنفك تدفعني إليه حتى أمضي فيه بكل جرأة وثبات ، وكأن مرور الزمن وتوالي الشدائد فشل فى إضعاف عزيمتها .. وعوامل الكِبر فشلت في فرض سيطرتها على روحها ، فتلك الروح البكر لن يعرف الهرم لها سبيل .. وها أنا ذا أتقطر خجلاً بينما أكتب تلك الكلمات التى تظلمها أكثر مما تُنصفها فهي التي أيًا كان ما أكتب عنها فهو قليلٌ للغاية وباخسٌ لحقها ..
وبكثير من الحب والامتنان أُهديها تلك الكلمات التى تُبرهن لنا أن بعض الحكايا لا يمكن تحديدها بحدود الزمان المعروفة ولا يمكن وضع نهاية لها بالموت ، فأبي لايزال حيًا بذاكرة والدتي وقلبها ، عالقًا بثنايا روحها ، لا تمر مناسبة من دون أن تدعو له بالرحمة وتوصينا بالدعاء له ومازالت ماضية على العهد حتى يكتب الله اللقاء مُجددًا تحت ظله وفى رحابه ، فرحم الله والدي وسلامٌ عليك والدتي، طبتِ دومًا يا دُرة الجميلي
-هل هناك من أثر كشاهد على تلك العلاقة الفريدة بين العلامة الجميلي والزوجة النادرة ؟
تقول د. دينا الجميلي: هذه شهادة من والدي لوالدتي بأنها كانت عينه التي يبصر بها والعون الذي يعول عليه .. هذا الإهداء من ضمن الإهداءات التي كافأها بها والدي عرفانا وامتنانا لصبرها وصلابتها.