أخبار عاجلة

” الأسف لم يعد يليق بي ” قصه قصيرة للروائي والقاص ” عبد الحميد البسيوني “

هزني الشوق ودعاني للذهاب إلى أماكن حياتي السابقه. فجأة وانا الكهل ذهبت إلى المدينه الكهله ؛

اسكندريه. (تريانون) كي أشاهد البحر.؛ نفس الكرسي ونفس المنضدة؛ نفس فنجان القهوة؛. ربما نفس كوب الليمون المثلج أيضا؛ انا وهي (اميمه). وحوار لاينتهي الي شيئ.؛ كل منا ينشد قصيدته الفارغه بلا معنى. دون نقطة لقاء صلبه. عيناها السوداوان تضيئان؛ وخدها المسحوب وانفها الدقيق ابر تشكشك في جسدي؛ وكلماتي المتشابهات. تمسح جسدها الضئيل دون أثر واضح، هكذا.؛ سنوات وسنوات. ؛ دون أن يلتقي العاشق بالمعشوق.؛ دون أن تجد البذره سوي الأرض البور كي تنمو وتزدهر. كيف تنمو الحياة في زمن خرب؟ هل يتمكن قرص الشمس من البزوغ وسط كل هذا الضباب؟؟

البحر من أمامي ومن خلفي كومة الذكريات؛ رابضه فوق القلب.؛ سارحة في الخلايا.؛ حجرة الجلوس ببيتهم الفخم. في حيهم الفخيم.؛ هي ملتفه بالروب الأزرق الغامق مثل ملاك رفض الرب طلبه لغفران.؛ لا يمكن أن افهم ما حدث.؛ فهي لا تتكلم.؛ اميمه الصامته قليلة الكلام.؛ التلفزيون يبث كلاما فارغا لا نستمع اليه ولا نطفئه.؛ ثم تبدأ في بكاء صامت؛ دموعها تخبرني بأن شئيا جللا قد حدث. فادغدغ سلسلة ظهرها برفق وهي ساكته.؛ شبه ميته؛ لا شعور؛ لا احساس. همست لها : مالك؟؟ في ايه؟؟

اخيرا نطقت : عمر تزوج امس.

؛ عمر مين؟؟؟
؛ زميلي وصديقي الحميم منذ اعدادي طب وحتى الآن.

هذه اذن هي الحكاية.؛ انقطع تيار الحياة فجأة من روحها وجسدها من أجل ذلك.؛ وانا البعيد. لم تخبرني قط عن ذلك الحبيب وتلك العلاقه.؛ ظللت على مدى سنوات انشد قصيدتي الفارغه؛ اخاطب شبح اميمه ظانا انها تنتظرني انا ه؛ وأننا مثلما قالوا لابد أن نتزوج؛ مشروع فاشل بدون رأسمال شاع بين أفراد العائلة ورسخ مع الأيام والسنين؛

كانت الساعة قد دقت الواحدة بعد منتصف الليل. فتركتها وذهبت الي فندقي. هي وحيده وقد سافر والدها الي القاهرة في مهمة. تعيش نصف حياة مكبلة باعراف وتقاليد متوارثه لعائلة برجوازية عتيقه. ظلت منذ تلك اللحظه تعيشها وكان فيروس خبر زواج صديقها قد انطلق قاصدا كبدها واخذ يعمل عملة. ولأول مرة أصدق ماقاله شعراء العرب القدامى عن علاقة الحب بالكبد. ؛ على مدى سنوات اخذ كبدها يتفتت حتى بعد أن تخرجت وعملت؛ هي الطبيبه تلاحظ وتعرف وتخبرني في كل مرة يتراكم فيها الألم وتضعف وظائف الكبد. وانا لا أهتم دخلت في عالمي الخاص وانشغلت بكتبي واحبابي الجدد؛

بالرغم من ذلك بناء على إلحاح منها تعددت مقابلتنا في (تريانون) لأنني اعشق هذه الأماكن وسط المدينة اشم فيها عبق الإسكندرية القديمة؛ رائحة كتاب عظام عاشوا هنا.؛ أكلوا وشربوا وكتبوا عنها كتابات باقية مازالت تضيء دربي. في هذه المقابلات حاولت أن اهدئ جرحا بداخلها مازال ينزف ببطئ. بعد أن طاب جرحي بسرعة؛ كانت مصمتة مثل قارة لم تكتشف بعد.؛ كمريض يرفض بشده تناول اي دواء مستسلما لموته أتيه لابد؛

وقد أتت بعد أن اتصلت بي لتخبرني بأنها على حافة الموت فهي تعرف ذلك جيدا بحكم مهنتها :عايزه اشوفك ضرورى.

لم اهتم أيضا ولم اذهب لكنه قد حدث؛

منذئذن بدا مايسمونه (تأنيب الضمير) يخربش داخلي. بدا يعكر صفو حياتي. ففي المرات التي جمعتنا في تريانون كانت بنصف حياة. وكنت بحياتي كاملة. كانت لغة ميتة تجمعنا. تتأملني ويعضها الندم؛ اتأملها والغضب الذ ي كان داخلي يزول؛. أكان لابد أن تموت قبل أن نزيل الغيم؟؟؟ قبل انقشاع ذلك الضباب الذي يمنعني الان من الرؤيه؟؟ يجعلني اشحذ كل حواسي لاستحضارها.؛ اجبرها على شرب كوب الليمون الذي تحبه. اعتزر لها عن عدم حضوري لمشاهدة احتضارها اختفائها الكامل؟؟

كنت قد شربت فنجان القهوه والنادل يحوم حولي.؛ لكنني مصمم على اخباره برغبتي في الاعتذار. في الأسف؛لم تتجسد أميمة بالطبع مثلما كنت أمل؛ لكن الموج هاتفني بهمس سمعته بصعوبة وسط ضوضاء زباءن تريانون

قال وكان صوته يشبه صوت اميمه :ياسيد أمام كوب الليمون.
الأسف لم يعد يليق بك.

سيرة ذاتية للأديب ” عبد الحميد بسيوني ”
الاديب والروائي والقاص
عبد الحميد محمد عبده البسيوني
وشهرته | عبد الحميد البسيوني

ولد في 19 ديسمبر من عام 1947 بمحافظة الدقهلية , وتلقى تعليمه فى مدارسها
بجميع مراحله المختلفة حتى التحق بكلية التجارة جامعة القاهرة وتخرج منها عام
1971.
ثم انتقل لإقامة بمحافظة الاسماعيلية عام 1984 وظل مقيم بها حتى وقتنا هذا.
التحق للعمل بهيئة قناة السويس وتدرج فى العديد من المناصب الإدارية حتى تقلد
منصب رئيس قطاع إداري بإحدى الشركات التابعة للهيئة واحيل على المعاش فى
يوم 19-12 -2007
و يعتبر كاتبنا عبد الحميد البسيوني أحد الكتاب المهمين الذين ساعدوا فى إثراء
الحركة الادبية بمصر في الفترات الاخيرة بإبداعهم الأدبي الجيد والمتنوع ما بين
الرواية والقصة القصيرة
صدر له العديد من الاعمال الروائية والقصصية و منها على سبيل المثال لا
الحصر :
أصوات فى الليل_ مجموعة قصصية عن دار الثقافة الجديدة_ القاهرة_1979
أخطاء صغيرة_ مجموعة قصصية عن ثقافة الاسماعيلية 1995 طبعة اولى
_طبعة ثانية 2003 الهيئة العامة للكتاب (مكتبة الاسرة)
عدة اسباب للقسوة مجموعة قصصية صدرت عن أدب الجماهير عام 1997 طبعة
اولى _ طبعة ثانية عن دار المحروسة 2007
كتاب مشترك عن مؤسسة الاخبار عام 2006
أن تكون فى نريجلى _رواية _ مركز الاهرام للنشر 2015
دراسة تحليلية عن القصة القصيرة والرواية فى الاسماعيلية (ثقافة الاسماعيلية)
نُشرت له الكثير من المقالات والقصص القصيرة فى العديد من الصحف
والمجلات الرسمية المصرية وايضا العربية
…..
تم تكريمه من الهيئة العامة لقصور الثقافة 2002,2007
جائزة القصة القصيرة كتاب اليوم الأدبي 2015
نال شرف رئيس مؤتمر اقليم القناة وسيناء عن عام2015
وعضو امانة المؤتمر عدة سنوات متتالية

بعض من كتبه :