أخبار عاجلة

“البنت الذي يغني كجرح”.. كسر للمألوف وتعرية للواقع بـ”صدمة اللغة”

شهد جناح دار النسيم للنشر والتوزيع، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حفل توقيع المجموعة القصصية “البنت الذي يغني كجرح”، للكاتب محمد طاهر.
عنوان صادم، يحمل ما يظنه القارئ في البداية خطأ لغويا، ليفاجئنا الكاتب بأن “ما يبدو في النص أخطاء نحوية أو مطبعية، ليس كذلك، بل كله مقصود، كله متن”، ما يثير فضولا محببا في النفس لحل هذا اللغز الذي يبدأ من الغلاف.
تضم المجموعة 10 قصص، أولاها “نظرة”، التي كتبت في 2002، وآخرها “البنت الذي يغني كجرح” (2013)، وبينهما “هامش الحبيبة”، و”حب أول”، و”ذكريات من مستقبلي”، و”أنا لا يبالي”، و”يقين”، و”جولييت”، و”أقولك سر؟ وحشتيني”، و”قالت عائشة”.
المجموعة تقدم محاولة واضحة جريئة وحادة لكسر المألوف، ولفت الانتباه إلى سياقات موازية محتملة للغة والزمن، والمفاهيم السائدة عن الله والأديان والمجتمع والحب والذكريات، وحتى الملامح العادية للبشر.
تعتبر قصة “البنت الذي يغني كجرح”، هي المحاولة الأبرز لكسر اللغة في المجموعة، حيث تتعمد قلب الضمائر، فيصير المذكر مؤنثا، والمؤنث مذكرا، والقارئ يجد تفسير ذلك في القصة نفسها، إذ تروي أنه عندما تحرش رجل بأنثى في الشارع، ولم يتحرك أحد لإنقاذها، حدثت زلزلة مفاجئة في الكون، وبعدها لم يعد شيء على حاله، اللغة انقلبت، وتبادلت النساء والرجال الأدوار.
شجاعة كبيرة اتسم بها الطاهر في اختيار الموضوعات والبناء اللغوي، وشجاعة أكبر سمحت له بانتقاء عنوان لا يمكن أن تغفل عين ما به من أخطاء “ظاهرية”، لكنه راهن على المفاجأة والغموض، فيما يبدو أنه رهان رابح، استطاع به أن يلفت الأنظار ويثير التساؤل في ذهن القارئ.
تلك التقنية لا تقتصر على الصياغة، فالأحداث نفسها تمضي معكوسة، يولد الإنسان في قبر، ذاكرته محملة بكل ما سيحدث طوال حياته، ويعيش أيامه ليتخلص من تلك الذكريات تِباعًا، ويصلي كي يتوضأ، ويأكل ليستعيد جوعه الشهيّ، ويقرأ الكتب والموسوعات ليخرجها من عقله ويمضي خفيفًا إلى الطفولة.
 مصطفى إبراهيم
الكتاب 50+1