أخبار عاجلة

“رمسيس راح فين؟”.. رحلة فى استكشاف الهوية المصرية

كتب: رامي المتولي

يقدم فيلم “رمسيس راح فين”، للمخرج عمرو بيومي، حالة مختلفة جدًا، كونه يقدم حالات مختلفة من “النوستالجيا” سواء بشكل شخصي أو بشكل عام، ويقترب بشكل ما من تاريخ مصر المعاصر ويربطه أيضًا بتاريخها القديم.

على الرغم من أن الفيلم وثائقي، إلا أن هناك حسًا روائيًا لا يمكن إخفاؤه، حيث قدم المخرج سيناريو متماسكًا جدًا فيما يتعلق بهذه النقطة تحديدًا، إذ نلتقط ملامح الفيلم الوثائقي التقليدي بشكل طفيف في الفيلم، ومنذ اللحظة الأولى يدفعنا المخرج للاشتباك معه، من خلال حكايته من البداية كطفل وارتباطه بميدان رمسيس، والتمثال الذي يزينه، عبر رحلته من منطقة سكنه وقربه من الميدان الشهير، وهذه النقطة كانت المدخل للوصول إلى حكاية التمثال نفسه.

نخرج من المساحة الذاتية التي بدأ بها الفيلم، لنتعلق أكثر بالتمثال وحكايته، التي يسردها المخرج على الشاشة مستغلاً مواد أرشيفية شديدة الثراء، حيث ربط اكتشاف تمثال رمسيس بالتاريخ السياسي في مصر الحديثة، وألقى بظلال على استغلال شهرة الحاكم المصري الضخمة، في تحقيق نجاح دعائي وتأصيل الثقافة المصرية بعد انتهاء الوصاية البريطانية على مصر، والاعتماد على الحضارة المصرية القديمة وربطها بالشارع المصري.

عند هذه اللحظة، تنصهر ذاتية بداية الفيلم وتندمج مع العام، ليتحول عمرو بيومي لواحد من الملايين الذين ارتبطوا بالتمثال ومكانه، ولم يبخل المخرج في توضيح التأثير الضخم الذي حققه التمثال كرمز شعبي في فترات الخمسينات والستينات.

وتتأصل هذه الحالة أكثر مع نقل التمثال من مكانه الأثير في الميدان الذي يحمل اسمه، إلى المتحف المصري الكبير، فأفاض الفيلم في توضيح عملية نقل التمثال، وأضفي عليها المخرج طابعًا شاعريًا، لكي لا تخرج بالشكل الذي يمكن وصفه بأنه “مادة وثاىقية جامدة”.

مشهد مؤثر جدًا لسيدة تلوح للتمثال وتبكي لفراقه أثناء رحلته، بالطبع هذه لمسة شاعرية رائعة صاحبت نقل التمثال، وربطها “عمرو” بذكاء مع حياته الشخصية في فترة شبابه، وعلاقته بوالده، لكن هذه الذاتية والخصوصية لم تطغَ على الجانب التوثيقي المهم، الذي يوضح صعوبة نقل التمثال والتحضيرات والدراسات التي سبقت عملية النقل.

“رمسيس راح فين” وثيقة مهمة، تكشف لنا التحول في الشخصية المصرية خلال عقود من الزمن، فى القرنين العشرين والواحد والعشرين، وعنوان الفيلم في معناه الأول يكشف عن طبيعته، لكن في معنى أشمل وأوسع يمكن تفسيره على أنه سؤال عن الهوية المصرية بشكل عام.

المعرض ٥٠ + ١