أخبار عاجلة

عقيل منقوش: هل الإباحيّة الجنسيّة في الشعر النسوي العربي المعاصر إبداعًا أم إختلافًا ؟ 

بدءاً تسميّة الأعضاء التناسليّة لكل من الأنثى أو الذكر بأسمائها الصريحة في الشعر لا تخلق دهشةً لغويًة جماليّة معرفيّة تعتبر من أساسيات الكتابة الإبداعيّة ، التي تقودنا إلى متعة الكشف والتأمل خاصة في النص الشعري ، بل نقل تفاصيل جنسيّة جسديّة شخصيّة تحدث في سرير النوم ،وفي أماكن سريّة مختلفة للعلن في نص لغوي يستجّدي الإثارة والإنتباه، وليس التفكير والسؤال، هذه التفاصيل التي أحيانًا تشرح عملية الايلاج بين الجنسين ، يمارسها الجميع 

ويعرفها تماما كل من المراهقين إلى البالغين في العمر وحتى العاجزين عن ممارسة فعالية الجنس ،

وهي ليست صوراً شعريّةَ متخيّلةً مبتكرةً بل سرديات تصف ما يحدث من شبق جنسي مكبوت غير معلن، وأقول غير معلن ، أي يحتفظ الفرد بتفاصيله لنفسه وليس مثل كل الأشياء الأخرى التي لا تخفيها النزعة الإنسانيّة بالفطرة مثل : تفاصيل تناول الطعام والشراب عند الحاجة والحزن والفرح والشوق والحقد والكره والغيرة والأمثلة كثيرة، 

ولا أعتقد وهذا رأيي الشخصي ممكن أن يكون فيها حالة خاصة للتأويل تنجح في التثوير الجنسي الجسدي الذي يحاول التخلص من السلطات القامعة المختلفة له : ومنها سلطة ممنوعات العقل التي تتحكم برغبات الروح والجسد لدى الفرد بفعل ثقافته وموروثاته مثلما تعتقد الكتابات الجديدة ومثلما صدّق بعض المتمردين من المغايرين والمنظرين في المجتمعات الغربيّة، التي وحتى في زمن الإختلاط الجنسي غير المشاع وليس مشاعًا مثلما كانت المجلات العربيّة الرخيصة تنقل لنا في الشرق الأوسط قبل ظهور مرض الأيدز وتوقف الكثير من نشاطاته منها: تبادل الزوجات والحبيبات التي كانت بعض النوادي تقيمها بشروط في مدينة نيويورك الأمريكيًة أو بعض المدن الأوربيّة وحتى أستراليا . 

أقول لم تجعل من الجنس 

حالة عاديّة يمكن الحديث عنها خارج التصنيف العلمي التشريحي الجسدي، أو النفسي المرضي السريري، أو الجمالي الغزلي ، أو في سياق درامي لفلم سينمائي ، أو حكايّة أو قصة ابداعيًة تستوجب أن يكون فيها مقطعّا جنسيّا كما في رواية ” العراب ” لكاتبها ” ماريو بوزو” ، الذي شاء بهذا المقطع أن يشرح العلاقة المتناقضة بين القيم الدينيّة الكاثوليكيُة المحافظة لإنحدارات عوائل رجلات المافيا ،التي تحرص على عذرية الفتاة وأعمالهم غير الأخلاقيّة القائمة على استعباد وأخصاء الآخر، حتى لو تطلّب الأمر قتله وتصفيته وتقطيع جسده ورميه في المحيط للحصول على الثروة الماديّة والحفاظ على القوة ،التي تجلب السيطرة المطلقة ، أو رواية “آلهة المتاهة” للكاتب الإنكليزي ” كولن ولسن ” الذي انتهج في كتاباته نمطًا مختلفاً من الكتابة الروائيّة المثيرة بمواضيعها، التي تحاول أن تفسّر بعض جوانب الحياة الصناعيّة و تأثيراتها وافرازاتها على بعض الأفراد وليس جميعهم ممن يستهلكون أنفسهم عبر الإدمان على ممارسة الجنس ، للهروب من الواقع الصعب ،أو في النموذج العربي الروائي عند الكاتب السوداني ” الطيب صالح ” في روايته ” موسم الهجرة إلى الشمال”، التي تقوم على فكرة الإنتقام عبر الجنس للتخلص من اضطرابات الماضي وهيمنته المتمثلة في الإستعمار الإنكليزي لبلده السودان ، وهي الثيمة الكبرى في شخصيّة بطلها” مصطفى سعيد ” الذي ينتحر في النهايّة، كي يتطهّر في النهر غرقًا وليس في أحاديث احدى شخصيات الراوية ” بنت مجذوب التي يستأنس الناس بالإستماع إليها وهي تذكر مزايا المعاشرة الجنسيًة لأزواجها السابقين من الذين ماتوا . 

 

وحتى في المواقع الخلاعيّة كالأفلام والمجلات والصور فهذه تخضع للتصنيف الذي عادة يسمى باللغة بالآنكليزية بآرR، بل أحيانّا في هذه المجتمعات المتحرّرة جدا التي لا تستحي كما يعتقد البعض يضعون أغلفة من النايلون المكبوس على المجلات الخلاعيّة من أجل عدم فتحها داخل محل بيع الإكسسوارات الجنسيّة ، وتحديد فئة العمر من أجل الدخول في هذا العالم الذي يوفًر المتعة السريعة، لكن الإفراط فيه يسبّب تشوهات ذهنيّة حادة تقود صاحبها للإضطرابات النفسيّة العميقة مستقبلاً . 

 

ولا أعتقد الكتابة عن الجنس في بعض تجارب الشاعرات العربيات المعاصرات في وقتنا الحاضر بالشيء الجديد غير المجرّب من قبل ، فالجميع يعرف ما كتبه العرب قبل قرون عديدة في هذا الموضوع حتى أن كتاب ” الجنس عند العرب” 

من الكتب التي قرّر الزعيم الألماني ” هتلر” حرقها وسط برلين ضمن مجموعة كبيرة أخرى من الكتب الممنوعة، التي اعتبرها آنذاك مسيئة للقيم الدينيّة المسيحيّة. 

بالإضافة لنمط العيش الذي مارسه العرب في حقب زمنيّة مختلفة والذي كان يمتلئ بإشباع الرغبات الجسديّة عبر طرق مختلفة منها الارتباط الزوجي المتعدّد والمعاشرة الطويلة ..

عقيل منقوش.ملبورن ٢٠٢٢