أخبار عاجلة

سهير الطويل: المايسترو ميشيل المصري في ذكراه… “ملحن بطعم مصر”

“إذا أردت أن تتعرف إلى رقي وحضارة أمة فاستمع إلى موسيقاها”

“صدق كونفوشيوس” فالموسيقى تتسلق شجرة روحك، تبني على شاطئ عقلك قصرًا لوعيك تسكنه ذكريات وجدانك وأشجان أحزانك وأفراحك. من لم تُهَذِّبْ الموسيقى روحه وأفكاره فأذنيه تسكنهما القبح، وتلفظهما جمال الحياة.

ذكرى ميشيل المصري

وبما أننا نتحدث عن رقي وجمال الموسيقى فلابد أن نقف حدادًا على روح الفنان العظيم الجميل المبدع الراحل “ميشيل المصري” في ذكراه. كان من أعظم موسيقاري مصر. تغذت أرواحنا على موسيقاه وتشبعت ذاكرتنا بألحانه. هو ملحن تشبه ألحانه دفء الشارع المصري وحضن بيت العيلة ودموع الفرح.

برغم شجنه لحنه بيرقص

ساكن صوابعه أحمد ومرقص

ع النوتة توتة حدوتة مصري

يحكيها لازم كله سمع هس

فرحة في لحنه دايما بشاير

مع إن حزنه لافف وداير

الاسم مصري والطعم مصري

كروان بقلبه م الفجر طاير

محروسة يا اسكندرانية

في عيون ليالي الحلمية

قديم عصايته بنت عصري

رقّص كريز ع الطبلية

               “سهير الطويل”

من هو الفنان ميشيل المصري

 ولد ميشيل المصري بالقاهرة سنة 1933 وتوفي في 30 يونيو 2018 ، التحق بمعهد ليوناردو دافنشي للفنون الجميلة بالقاهرة عام 1948 ثم بعد ذلك التحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى، ورغم تميزه في آلة الكمان إلا أن مديره بالمعهد وجهه لدراسة آلة الكورنيت النحاسية، كون ميشيل فرقة موسيقية من خمسة وعشرين عازفا وكان لهم نشاطا معروفا في الساحة الموسيقية.

وقد أطلق عليه الإيطاليون لقب “المصري” لأنه كان المصري الوحيد الذي كان يدرس بإيطاليا حينذاك، كان عازفا للكمان عام 1953 ثم عازف كمان أول في فرقة سيد محمد الموسيقية الكبيرة وفي عام 1956 كان رئيسا لفرقة الفن الموسيقية بالخمسينات، وفي عام 1957 كانت أول رحلة فنية له في تونس مع مجموعة من المطربين، وفي 1959 كان عازفا أول لفرقة موسيقى إذاعة الكويت، أما عام 1962 فكان رئيسا لفرقة الإذاعة بالكويت وبعام 1968 كان عازف كمان أول بفرقة الرحبانية بلبنان، وفي نوفمبر 1969 عاد إلى القاهرة وفي ديسمبر أعاد بناء فرقة الفن الموسيقية، وفي عام 1970 كان عازفا أول بالفرقة الماسية وقائدا لتسجيلاتها، وفي عام 1974 كون مجموعة من أمهر العازفين لتسجيل أولى الأعمال بالطرق الحديثة “الكريكيت”

 

كان ميشيل المصري من أعظم موزعي الموسيقى لكبار الملحنين بدءا من محمد عبد الوهاب حتى آخر الأجيال وعضوا بفرقة أم كلثوم لآخر أربع سنوات بمشوارها الفني. مؤلف موسيقي لمجموعة من الأفلام السينيمائية والتسجيلية والمسلسلات والحفلات والمهرجانات، ملحن للكثير من الأعمال الغنائية وأستاذ غير متفرغ بكلية الفنون وعضو نقابة المهن الموسيقية منذ نشئتها في أوائل الخمسينيات، وعضو جمعية المؤلفين والملحنين في مصر وفرنسا، وعضو لجنة الاستماع لأكثر من جهة ولجان تحكيم في مهرجانات وحاصل على شهادة تقدير بيوم الإعلاميين عام 1990 وجائزة أحسن موسيقى تصويرية في مهرجان الإسكندرية السينيمائي عن فيلم 131 أشغال وغيرها من الجوائز الكثيرة جدا منها درع تكريم الرواد الذين عاصروا الحياة الفنية الموسيقية ودرع تكريم الإذاعة والتلفزيون وجائزة الإبداع الكبرى بمهرجان الإذاعة والتلفزيون والإذاعات العربية في دمشق وتقدير وتكريم مؤتمر الموسيقى العربية عام 2006.

من أعمال الفنان الراحل ميشيل المصري

له أكثر من مئة عمل فنيا بين موسيقى تصويرية وتترات مسلسلات وأغاني أكثرها لأم كلثوم وأفلام وأوبريتات غنائية ومؤلفات موسيقية فقد كتب الموسيقى لأكثر من خمسة عشر فيلما وأكثر من ثلاثين مسلسلا تلفزيونيا.

 

ولم ننسَ إلى الآن، مما قدمه من ألحانٍ للدراما المصرية “ليالي الحلمية” التى رسخ بها أشجانًا في قلوبنا وذاكرتنا، وغيرها من الأعمال الجميلة مثل مسلسل يوميات الحاج متولي، من الذي لا يحب فاطمة، أولاد آدم، مسلسل لا إله إلا الله، الطوفان، الفنار، الشك، احذروا هذه المرأة، مشوار، 131 أشغال وغيرها…

 كان يعتبر الفنان ميشيل المصري الموسيقى كتابة وكانت عادته كتابتها يوميا مثل الأكل كما كان يقول، وكثيرا من الأعمال لديه لم تأخذ حقها في العرض.

الكمان هي سيدة الأوركسترا

كان دائما ما يسمي الكمان بسيدة الأوركسترا لأن فيها حدود الأصوات البشرية، ففيها من صوت السيدات والأطفال الرفيع جدا إلى أصوات الرجال الغليظة مثل الباريتون والباص مثلا. لكنه في آخر أيامه لم يكن يعزف عليها لكنه كان يكتفي بكتابة الموسيقى فقط.

تتر المسلسل يتعلق بمكانه

قال الفنان ميشيل المصري أن تتر المسلسل فيها حشمة جميلة لكن لابد أن نعلم أين ستظهر “مثل الحلمية” فكل مكان مشهور بآلات وآليات معينة لازمة لتكوين العمل، يتعلق بروح المكان لتقرب العمل من المتلقي.

كواليس أغنية أي دمعة حزن لا

كان الفنان ميشيل المصري مريضا بالحمى الشوكية وقت بروفات هذه الأغنية التي يوزع موسيقاها ولم يحضر خمس بروفات متتالية فسأل الفنان الراحل عبد الحليم حافظ رئيس الفرقة أحمد فؤاد حسن عن سبب غيابه وعلم بمرضه الذي أقعده شهرا ونصفا فذهب إلى بيته بشارع ابن تيمية بالخلفاوي وخرج به للبروفة بالفرقة الماسية ليرفع من روحه المعنوية وأجلسه حليم في الصف الأول مع صديقه أحمد الحفناوي وما إن عزفت الفرقة المقدمة الموسيقية فوجئ الفنان ميشيل المصري بوجود بليغ حمدي صاحب اللحن والشاعر محمد حمزة الذين التفا حوله وانفتحت شهية المصري على العزف وكان له حضورا جميلا بينهم وعزف المصري ببراعة كعادته حتى جاءت جملة

ده احنا حبينا

وارتحنا ونسينا

الجرح بتاع زمان

 فبكى ميشيل فلاحظ حليم فذهب مداعبا المصري ” ده احنا خفينا خفينا”

 

رحم االله الفنان الكبير ميشيل المصري.