أخبار عاجلة

كتيبة «مترجمي الإشارة».. مهمة توعوية تخطف الأنظار

رغم قلة عددهم، استطاعت كتيبة «مترجمي لغة الإشارة» لفت انتباه الجميع في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ليس هذه الدورة فقط، بل منذ دورات عدة.

لعل نقطة البداية والانطلاق كانت في دورة اليوبيل الذهبي، والتي صُمم لها أغنية خاصة بعنوان «متجمعين في القاهرة» من تأليف الدكتور شوكت المصري، وغناء ريهام عبد الحكيم، لتطل علينا فيروز محمد بطلتها البهية وابتسامتها التي لم تترك وجهها المضيء في ترجمة للأغنية بـ«لغة الإشارة»، برعاية المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة.

من وقتها، بدأت مسيرة التميز، وأصبحنا نجد مترجمي الإشارة في كل الفعاليات الثقافية بداخل قاعات معرض الكتاب، واقفين صامدين يقومون بترجمة كل ما يتم بثه خلال أيام المعرض، وهذا العام وفي غياب الفعاليات داخل القاعات، لم يغب مترجمو الإشارة عن الترجمة ولكن للفعاليات المترجمة هذه المرة.

رشا أرنست، مسؤول إدارة الثقافة والفنون بالمجلس القومي للأشخاص ذوي  الإعاقة، وعضو اللجنة الثقافية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ52، قالت إن«الهدف الأساسي من الحرص على ترجمة إلى لغة الإشارة هو نشر الوعي المجتمعي بأهمية لغة الإشارة، خاصة وأننا نتعامل مع فئة خاصة جدًا، فالأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية أو ضعاف السمع لا يمكن أن تكتشف إعاقتهم إلا عندما يبدأون بالحديث».

وأضافت أرنست، في تصريح خاص للموقع الصحفي الرسمي لمعرض الكتاب، أن أهم التحديات التي تواجه تلك الفئة هي فكرة التواصل مع المجتمع، كما أنها تعتبرهم من الفئات الأكثر تعرضًا للحرمان من التعليم، و«كثيرًا ما كان يتم سؤالنا لماذا تقومون بالترجمة على الرغم من عدم وجود أشخاص من ذوي الإعاقة بداخل القاعات»، ولهذا أؤكد على فكرة أهمية نشر ثقافة «لغة الإشارة وأهميتها والتعريف بها، ولكي يعرف المجتمع أن هناك فئات مجتمعية أخرى لديها إعاقة في التواصل مع الآخرين».

وأوضحت أرنست، أن المعرض في دورته الماضية شهد ترجمة بلغة الإشارة لأكثر من 90% من الفعاليات الثقافية، التي كانت داخل المعرض، والتي كانت تحدث في القاعات المختلفة، مثل قاعة ضيف الشرف، وكاتب وكتاب، وأثناء اللقاءات الفكرية والسينما والمسرح وغيرها، بالإضافة إلى الخدمات التي تقدم بداخل الأجنحة لمساعدة الأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية وضعاف السمع وإرشادهم ومساعدتهم في الحصول على ما يريدون، وكان هناك أكثر من 18 مترجما للغة الإشارة متواجدين بداخل المعرض».

وعن مشاركة «مترجمي لغة الإشارة» في الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولي للكتاب، أوضحت أرنست، أن «عمل المترجمين قد بدأ قبل انطلاق المعرض بمدة، حيث تقرر عمل ترجمة بلغة الإشارة لجميع حلقات البرنامج الثقافي، الذي يتم بثه على المنصة الإلكترونية الخاصة بالمعرض، وبالفعل تم ترجمة البرنامج الثقافي المخصص للطفل، من برامج الحكي، وملخصات الكتب، وبرامج الفنون التشكيلية، وحلقات ملخصات الكتب، وتم تخصيص 3 مترجمين لهذه المهمة، والذين تفرغوا تمامًا لأعمال ترجمة البرنامج الثقافي أونلاين، وهم فيروز محمد الجوهري، وهي مترجمة الإشارة الرسمية للمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، والمترجمة سعاد محمد السيد وهي مترجمة متطوعة، ونوران جمال ناصر وهي متطوعة أيضَا».

أما عن مشاركة المتطوعين لترجمة لغة الإشارة خلال أيام معرض القاهرة في الدورة الـ 52، أوضحت أرنست، أن عدد المتطوعين قد قل في هذه الدورة، نظرًا لقلة الفعاليات الثقافية، حيث بلغ عددهم 7 مترجمين إشارة، منهم 6 مترجمين يعملون بشكل تطوعي، وهم سعاد محمد، ونوران جمال، وفاتن محمود، وبيشوي عماد، وآلاء يونس، وأسماء عاطف، بالإضافة إلى فيروز الجوهري المترجمة الرسمية للمجلس، واقتصر الأمر على الإرشاد والتوجيه بداخل أجنحة المعرض، وترجمة الندوات الثقافية الخاصة بجناح الأزهر، والتي يتم بثهًا عبر الصفحات الرسمية للأزهر الشريف على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تقام بشكل يومي.

وأشارت أرنست إلى أنه تم التواصل مع العارضين بالمعرض وتوفير أرقام للتواصل في حال زيارة أحد الأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية وضعاف السمع لتلك الأجنحة، لتوفير مترجم بلغة الإشارة لمساعدتهم بداخل الجناح، بالإضافة إلى إتاحة تقديم الإرشادات إلى ذوي الإعاقة السمعية من رواد المعرض وتوعية الرواد الأخرين بأهمية لغة الإشارة ودورها الحيوي والفعال في التواصل معهم.

وعن أهم التحديات، التي تواجه ذوي الإعاقة السمعية «الصم»، أشارت أرنست إلى أن لغة الإشارة تواجه العديد من التحديات على الرغم من الاعتراف بها على المستوى المحلي والعالمي، بالإضافة إلى وجود وسائل أخرى للتواصل مثل قراءة الشفاة، ولغة الجسد، لكن تظل «لغة الإشارة» هي اللغة التي يستطيع من خلالها الأشخاص ضعاف السمع في التواصل مع الآخرين، وأن عملية نشر الوعي المجتمعي بهذه  اللغة، ومعرفة أساسياتها سيسهم بشكل كبير في تسهيل عملية التواصل معهم ودمجهم بداخل المجتمع، فتظل لغة الإشارة هي اللغة الأكثر وصولاً لكل «الصم» وهي الأكثر تدولاً بينهم، كما أنها تُعد هي اللغة المعبرة عن هويتهم الثقافية وبالتالي هويتهم الشخصية.

وعن أكثر الأشياء التي تريد رؤيتها في الأعوام المقبلة، قالت أرنست: «في الحقيقة أتمنى بأن يصاحب لافتات المعرض أمام الأجنحة وأمام قاعات العرض وبداخل القاعات وجود لوحات إرشادية «signs» مكتوبة بلغة الإشارة، وهو الأمر الذي نوفره في جناح المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، وهذه التجربة أتمنى أن يتم تعميمها، نظرًا للرسالة الهامة التي تؤديها من فكرة الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة واعتبارهم جزءا فاعلا ومؤثرا داخل المجتمع».

وانطلقت فعاليات الدورة الـ52 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في 30 يونيو وتستمر حتى 15 يوليو 2021، تحت شعار «في القراءة حياة» بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وسط إجراءات احترازية مشددة في ظل انتشار فيروس كورونا.