في المطبخ المربّع الممهور بالبياض والأضواء والبهارات.. حوض غسيل من معدن لامع
يُخفي -أحياناً- أشياء تشبه البرق أو حبّات البرد تهوى داخلك.. وكأنك بسفينة
غارقة في محيط من منظفات ملونة.. غيم رغوتها المعطّر ينذرُ غفوتك برذاذه المنعش دائما
سفينة تهتزّ مع خيالات الحرف والخاطرة النائية
تحمل على سطحها
عتمة ابحار مجهول.. سيلفظنا.. بخفة قطرات مياه
أو مثل كرات العنبر من فم حوت الفكرة الغاطس تحت لجج المعنى
لننزلق نحو هامش نسيان مؤقت أو نحو عطر بعيد في ضفاف ذاكرة خربة
لستُ أعلم كيف تسمح لها بالعبور، تنسحب صوب ثقوب
غطاء سدادة الحوض بسرعة حِملان تُخطئها
السكاكين.. فأجد نفسي بكامل أصابعي مغمورة في الماء أو مجسّمة في حافة ميناء
شاخت مواويل –الانتظارات- من التلويح دائماً بالكثير من الصمت والأصابع والحسرات
صحن فنجان تلوَ صحن يفيض بولائم نفسه المنتظرة عن وحدتي
ويسقط بدويِّ الطلاء القديم في مكب ذكرياتنا
المهدورة بلا رفقة
أصابعنا ظلّت عاجزة
حتى لتبدو مجروحة كلما شممت رائحة القهوة فجأة
لقد أوقعت هذه الفناجين بين البدايات وخسارات النهايات
وأفسدت لذّة مرارة أشياء بطعم حلوى مغلّفة كقلوبنا
المليئة بخيبات تركت الندم عالقاً في غصّة
غالبا حين أخفض رقبتي قليلاً
لأشتّت ما ابتلعته من قسوة الاحتمالات
المطبخ الذي ظننا أنّه هامش في متن البيت
وحوض الغسيل
الذي ظننت أن في بطنه خيبة جارحة كأظافر أصابع هاربة من غياب
يدفعها للاكتئاب
وبعد أن ألقى بها داخله.. أفكرُ
مَن سيعثر عليها
لو اكتشفوا المجهول وأخرجوها يوماً
من بين القدور والأطباق المتسخة التي انزلقت في الفخ المتداول بعد عشاء أخير.