أخبار عاجلة

مع أبو الحسن الجمال مؤرخاً وأديباً بقلم الدكتورة/ دينا السيد الجميلي

كتبت للدكتورة ” دينا السيد الجميلي :

هو كاتب ومؤرخ متنوع الفكر له المئات من المقالات والأبحاث في التراجم والتي تتناول القضايا الفكرية والأدبية، وُلد في 19 يوليو 1976 في قرية منسافيس، التابعة لمركز أبو قرقاص، بمحافظة الـمِنْيا، وتخرَّج سنة 1998 في قِسم اللغة الإنجليزية بكلِّية الآداب بجامعة الـمِنْيا، ثم التحق بالقوَّات المسلَّحة ضابطاً احتياطياً لمدَّة خمس سنوات، وانتفع في هذه المدَّة بأمور، منها تصنيفه لكتاب سمَّاه (مِن أعلام العَسْكَرية المصرية
اهتم الأستاذ المؤرخ أبو الحسن الجمال بعلم تراجم العلماء ودراسة الشخصيات المؤثرة منذ المرحلة الابتدائية؛ حيث لفت نظره أبطال التاريخ المقررة عليه في كتب التاريخ، وعندما كبر ونما أو أصبح شاباً، أصبح يتردد على المكتبات العامة ومكتبات قصور الثقافة ومكتبة مجلس المدينة وزاد شغفه بالقراءة عن هؤلاء الأبطال أمثال: عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وصلاح الدين الأيوبي، والمنصور قطز، والظاهر بيبرس .. وبدأت بالكتب المبسطة التي تتناول حياة هؤلاء الأبطال وخصوصاً التي كان يكتبها الأساتذة عبد الحميد جودة السحار، وكامل كيلاني، وسليمان فياض .. ثم في المرحلة الثانوية بدأ يقرأ المجلات الثقافية والدينية مثل: مجلة الهلال، ومجلة منبر الإسلام، ومجلة الأزهر في مصر، ومجلة الوعي الإسلامي في الكويت، ومنار الإسلام في الإمارات، وكانت هذه المجلات تنشر فصولاً تاريخية وتخصص باباً للتراجم ..
كما لفت نظره بين الكتاب العظام، الأستاذ الراحل الدكتور محمد رجب البيومي (1923-2011م) بما كان ينشره في مجلة الأزهر من سير وتراجم تحت عنوان “من أعلام الأزهر”، وكان يقرأ له ما كان يكتبه في الصحف والمجلات منها: صوت الأزهر، ومجلة المنهل السعودية وخصوصًا سلسلة مقالاته التي تناول فيها ذكرياته مع أعلام العصر وكيف عرف هؤلاء وقد نشر هذه الذكريات في كتاب “من أعلام العصر- كيف عرفت هؤلاء” ، كما قرأ له أيضاً كتابه الأهم “النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين”، وصدر أولاً في ستة أجزاء عن سلسلة البحوث الإسلامية، ثم صدرت بعد ذلك في ستة مجلدات عن دار القلم بدمشق، وقد أحب منهج البيومي في التراجم وتأثر به في كتاباته بعد ذلك .. أما الشخصية الأخرى التي تأثر بها وأحبها فقد كان الأستاذ الراحل أنور الجندي (1917-2002م) ، فقد قرأت أول مرة له في مجلة “منار الإسلام” ، ثم قرأ له عشرات الكتب في مكتبة كلية الآداب التي التحق بها، وقد كان الرجل ولعاً بعلم التراجم، فقد كتب الموسوعات الكثيرة عن الأعلام وخصص كتباً بمفردها عن عَلَم بعينه، مثل: عبد العزيز جاويش، ومحمد فريد وجدي، وأحمد زكي باشا شيخ العروبة، وغيرها.. وقد اقتنى معظم مؤلفاته بعد ذلك، وتأثر بمنهجه وأسلوبه العذب.. كما تأثر أيضًا بما كان ينشره الأستاذ الراحل د. أحمد شلبي (1915-2000م)، من مقالات ثم أحاديثه الإذاعية والتليفزيونية، وكذلك كتاباته الموسوعية مثل موسوعة التاريخ الإسلامي، وموسوعة الحضارة الإسلامية والنظم، وكتبه المبسطة “المكتبة الإسلامية لكل الأعمار” وغيرها كما اغرم أيضا بالأستاذ الدكتور السيد الجميلي وقد طالع مقالاته التي كان ينشرها في مجلة الأزهر وخصوصا سلسلة مقالاته عن طبقات المصححين والمحققين، ثم طالع مقالاته في مجلة الهلال بعد ذلك ثم قرأ معظم كتبه واقتنى بعضها.. ثم أغرم بسلسلة “أعلام العرب” التي ظلت تصدر في مصر منذ أوائل الستينيات وحتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وسلسلة “أعلام مؤرخي العرب والإسلام” التي تصدرها دار الكتب العلمية ببيروت، وسلسلة “أعلام المسلمين” التي تصدرها دار القلم بدمشق.. كما قرأ كتاب “الأعلام” للزركلي والذيول عليه لأحمد العلاونة، ونزار أباظة، ومحمد خير رمضان يوسف ..
كما عرج على كتب التراث في التراجم، مثل: كتب الطبقات، والكتب التي ترجمت على الحروف، ومنها التي ترجمت على الوفيات، وأيضًا التي ترجمت على البلدان والتي ترجمت على القرون، وأيضاً كتب التاريخ العام التي أرخت على السنين وخصصت في كل عام تاريخاً للوفيات، ومن أشهر تلك الكتب التي طالعها “سير أعلام النبلاء” للإمام الذهبي، ومصنفاته الأخرى مثل: “تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام” في طبعات مختلفة أهمها طبعة عمر تدمري وطبعة بشار عواد معروف، وقرأ أيضاً “البداية والنهاية” لابن كثير في طبعات مختلفة، وقد اتسعت مداركه بعد ذلك فقرأ كتب المقريزي ومنها: “المقفى” ، و”السلوك” ، و”درر العقود المفيدة”، وغيرها، وكذا كتاب “وفيات الأعيان” لابن خلكان، والذيول عليه مثل: كتاب “الوافي بالوفيات” للصلاح الصفدي، و”فوات الوفيات” لابن شاكر الكتبي، و”المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي”، كما طالع كتب المكتبة الأندلسية ومعظمها كتب تراجم مثل : “تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ، و”قضاة قرطبة” للخشني، و”جذوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس” للحميدي، وفهرسة ابن خير للإشبيلي، و”الصلة” لابن بشكوال، و”بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس” للضبي، و”المعجم في أصحاب القاضي الصدفي” لابن الأبار، ولم يدع كتاباً للتراجم يتناول سير الأدباء والشعراء والعلماء والمحدثين والمؤرخين وعلماء الحضارة الإسلامية وأعلام الغرب والشرق إلا وطالعه.
مؤلفاته:
أمد أبو الحسن الجمال المكتبة العربية بالعديد من الكتب القيمة التي تناولت الفصول التاريخية والتراجم والنقد الأدبي والنقد الفني منها: “مآذِن مِن بشر – أعلام مُعاصِرون”، بالاشتراك مع أ.د خالد فَهْمي، نشرتْه دار البشير، مصر، 2016 ، و”أهلنا في محافظة البحر الأحمر- تاريخ وأسرار”، نشرتْه الهيئة العامَّة لقصور الثقافة، مصر. و”على شاطئ الـمَجْد- الدكتور حلمي القاعود في الذكرى السبعين لمولده”، نشرتْه دار النابغة، القاهرة ، 2016، و”أعلام مصريون معاصرون”، الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة 2018، و”عبقري النغم – بليغ حمدي ” قطاع الثقافة – مؤسسة أخبار اليوم – القاهرة- 2018 وعن نفس الدار صدر له “سلطان والكروان – أسرار وحكايات” 2019، و”طاهر الطناحي ..عاشق الصحافة وفارس في بحر الأدب”، مكتبة مصر للسحار بالقاهرة2020، و”أسئلة العصر الثقافية – حوارات وذكريات ج1″دار البشير للثقافة والنشر، القاهرة. 2021.
كما أن له العديد من الكتب قيد النشر، منها: “مِن أعلام العَسكَرية المصرية”، و”جلال الأبْنُودي شيخ أدباء البحر الأحمر”، و”أنور الجندي مؤرِّخ الأدب والثقافة الإسلامية “، و”محمد عَيَّاد الطَنْطاوي – حياته وعصره”، و”محمد رجب البَيُّومي أديباً ومؤرِّخاً”، وحسين مؤْنِس مؤرِّخ الأدب وأديب المؤرِّخين”.
كتب المقالات والتحقيقات الأدبية والتاريخية ومقالات الرأي، وعمل الحوارات مع أعلام الفكر والأدب بالعديد من الصحف والمجلات الأدبية والثقافية مثل: جريدة “القاهرة”، وجريدة “الأخبار”، وجريدة “الجمهورية”، وجريدة “الرأي للشعب”، وجريدة “المساء”، وجريدة “الزمان”، وجريدة “صوت الأزهر”، وجريدة “المصريون”، وجريدة “الحياة”، وجريدة “منبر التحرير”، ومجلة “العربي” الكويتية، والمجلة الثقافية الجزائرية، ومجلة “أدب ونقد”، ومجلة “الهلال”، ومجلة “الأزهر”، ومجلة “الوعي الإسلامي” الكويتية، وجريدة “دنيا الوطن”، وجريدة “الدستور” العراقية، وجريدة “الجديد” الجزائرية، و”رابطة أدباء الشام”… وغيرها.
كما أجري الأستاذ الجمال عشرات الحوارات مع أعلام الفكر والأدب في مصر والعالم العربي من امثال: الدكتور الطاهر أحمد مكي، والدكتور حسين نصار، والدكتور محمد زكريا عناني، والدكتور مصطفي الرفاعي، ود. عوض الغباري ، ود. يوسف نوفل، ود. محمد السيد الجليند، ود. أيمن فؤاد سيد، ومحمد خير رمضان يوسف، ود. عبد القادر بوباية من الجزائر، ود. حسام الدين شاشية من تونس، ود. ابتسام مرهون الصفار من العراق، ود. عامر أبو جبلة من الأردن ود.إبراهيم القادري بوتشيش من المغرب، وعمار النهار من سوريا . وغيرهم .
ولأبي الحسن الجمال مشاركات عديدة في المؤتمرات والندوات منها: مؤتمرات هيئة قصور الثقافة مثل مؤتمر أدباء مصر ومؤتمر إقليم وسط الصعيد الثقافي وسينما قسم التاريخ بكلية التربية جامعة عين شمس، ومركز بحوث الشرق الأوسط، والجمعية التاريخية المصرية، ومؤتمرات بمكتبة الإسكندرية
وقد شغف المؤرخ الأديب الأستاذ أبو الحسن الجمال منذ بداية حياته بفن الحوار، لما له من دور في التعريف بصاحب الحوار ومُنجزه، وهو أقرب مصدرٍ لسبْر أغواره، ومعرفة مراحل حياته، وخصوصًا عندما تجمع هذه الحواراتُ بين الخاصّ والعام ، فكان أسلوبه امتداد حقيقي لسلسلة الخالدين في تاريخ التراجم .. وما يقوم به المؤرخ الأديب العالم الأستاذ أبو الحسن الجمال عمل عظيم في ظل تهميش العلماء السابقين ..
والقول: وماذا نستفيد من العودة الى الوراء؟ ولماذا ننبش قبور رجال قضوا مع عصرهم وزمانهم؟ وهل نتخدر بتواريخ أعلام تنسينا واقعنا المؤلم؟ ما قام به هو عمل عظيم يستحق أن يضاف إلى رصيد في مصاف المؤرخين العظماء الذين أثروا وأثروا ، فهو ذو هِمَّة عالية في عِلم التأريخ قديمه وحديثه تحصيلاً واطِّلاعاً، كثير التنقُّل والأسفار في شتَّى البلاد المصرية للقاء أهل العلم ومُحاوَرة المشاهير ومُجالَستهم وتدوين أخبارهم وسِيَرهم، أنفق في ذلك كثيراً مِن عمره وماله.. لذلك خرجت كتاباته غاية في الدقة والصدق والبحث، وذلك من خلال المعرفة الموسعة والمثابرة والتدقيق ، فهو مؤرخ عالم يدرس ويدون التاريخ، ويبذل الكثير من الجهد في تراجم الشخصيات حتى تصل إلينا بهذه الصورة المشرقة، كما أنه رجل شهمٌ كريمٌ، وحريصٌ على نشر الخير، والعطاء بلا كلل .. يعرف لأهل العلم والفضل السابقين واللاحقين أقدارَهم ، ومِن الأدِلَّة على هذا أنه أفرد كتباً في سير أهل العلم والفضل، وقدمهم كمناذج مشرفة للأجيال الناشئة ؛ ليسيروا على خطاهم .. ومِن الجدير بالإشارة أنِّي أدركتُ في الأستاذ أبو الحسن أنه مُبتلىً في أكثر الأحيان بالأرقِ لشدَّة عنايته بالعلم ، ولا يكاد ينام في اليوم والليلة إلا أربع ساعات ، فكان يذكرني بأبى العالم الموسوعي الدكتور السيد الجميلي، كان يعاني مِن هذا البلاء منذ أعوامٍ عديدة ، كان لا ينام حتى يضع أهداف للفكرة التي تراوده .