أخبار عاجلة

اد. “عادل خلف القليعي” يكتب : تأويل قول الله تعالي(وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتي)، واشكالية البعث .


” اد.عادل خلف عبد العزيز القليعي ”
أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان
يكتب :

تأويل قول الله تعالي(وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتي)، واشكالية البعث .
ضمن مشروعي الحضاري ، التأويل والتجديد.

إشكالية البعث بين مؤيد ومعارض ومنكر.
بين علماء الدين ، والفلاسفة ،بين ملاحدة ،ودهريين،بين طبائعيين .

قضية شائكة طالما كثر النقاش ودار الحوار حولها بين كل الإتجاهات الفكرية، حتي في عهد الفراعنة،حتي في عصر النبي صلي الله عليه وسلم.
النبي الذي كان المرجع في الحيرة، الذي كان يجيب إجابات شافية لا أحد يتفوه بكلمة بعدها ، لأنه لاينطق عن الهوي.

نتناول هذه القضية تناولا معاصرا بمعني محاولة تأويل القرآن تأويلا يتماشي مع واقعنا وذلك لتبسيط المسألة وشرحها شرحا سهلاً نستطيع من خلاله الوصول إلي الافهام.

هناك أمور ميتافيزيقية غيبية لانعلم عنها شيئا، وانما خبرنا بها من الله سبحانه وتعالي أخبرنا عنها الخبير العليم عن طريق القرآن الكريم ،ونحن نؤمن بالقرآن الكريم كتاب لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق من الله حديثا.
وكذلك أخبرنا عنها النبي صلي الله عليه وسلم،لانه تلقاها وحيا وعلما علمه إياه شديد القوي.

والقرآن والسنة أقرا البعث،روحا وجسدا ، أي الجزاء ثوابا وعقابا سيقع لا محالة(قل بلي وربي لتبعثن)، ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاترجعون)
والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن ذلك عندما أني إليه أحد مشركي مكة قائلا اتزعم يامحمد أن ربك يعيد هذه العظام الأرمة.
قال النبي ويبعثك ويدخلك النار.

الملاحدة لانقاش معهم،لماذا ؟! لان نقاشهم غير مجد وسيولد جدلا والنبي نهي عن مجادلتهم، فهم غير مؤمنين بالاله جملة وتفصيلاً.

قس علي ذلك الدهريين أصحاب الدهر المحي والدهر المفني، حياة نحياها ثم نموت وليس ثم حياة أخري.

وكذلك أنصار الطبيعة عباد الشجر والحجر، وكذلك عباد البقر، وعباد النجوم والكواكب من الصابئة.
لكن خطابنا سيكون موجه الي أصحاب العقول النيرة المستنيرة الذين دوما ما يحتكمون لعقولهم، الذين يعملون عقولهم ولا يتركوا شيئا يمر أمام عقولهم هملا.

لن أتحدث معكم حديثا قرآنيا ولا حديثا نبويا،وانما سأخاطبكم خطابا عقلانيا.
سأطرح عليكم بعض الأسئلة؟
لماذا كان فراعنة مصر القديمة، لماذا كانوا يجمعوا حاجات الميت ويدفنونها معه.؟!
الإجابة ، إيمانا منهم بحياة أخري، يعني عقلا لايدفنوها خشية التلف أو أن يستفيد بها أحد غيرهم.

سؤال آخر، لماذا خلقنا، هل للعب والعبث،ام لعمارة الأرض وتسخيرها أعمالا صالحة أملا في حياة أخري يسودها الحب والحق والخير والجمال. نعمل عقولنا هنيهه.

سؤال ثالث،أيهما أصعب وأشق_وما ذلك علي الله بعزيز_لكن نخاطب العقول الحائرة، الخلق الأول والنشأة الأولي، أم الخلق الثاني والإعادة والنشور.

الإجابة بمنطق العقل بدء التكوين وبدء الخلق، عقلا الذي يخلق أول مرة، هل ستجهده الاعادة.
أين عقولكم يا أصحاب العقول.
إذن البعث واقع لا محال.

فلا تدعوا أوهام المحدثات تتأرجح بكم وتقودكم الي بحور غريقة لاشواطئ لها.

هل سيدنا ابراهيم عليه السلام لم يؤمن بالبعث،كلا ،بل ليزداد يقينا عقليا فيكتمل إيمانه عقلا ونقلا.
هذه واحدة، أما الثانية فالخطاب هنا يحمل خصوصية في باطنها عموما بمعني الخطاب موجه للجميع في مسألة البعث ولكل من تسول له نفسه إنكارها.

موقف فلاسفة الإسلام من هذه القضية،وسنأخذ نموذج مؤيد للبعث روحا وجسدا والجزاء يقع علي الاثنين، وسنأخذ نموذج أقر البعث لكن للنفس فقط .أما المنكرون جملة وتفصيلا فقد تحدثت عنهم في معرض حديثي.

أبو إسحاق الكندي فيلسوف العرب والمسلمين اثبت أن العالم حادث وأنه متناه يفني،وان الإنسان يفني ،لكن ثم بعث وثم حياة أخري وان الجزاء سيقع علي الروح والجسد واستدل علي ذلك عقلا ونقلا،واعلن أن إحياء الإنسان بعد موته أيسر من خلق العالم الأكبر بعد أن لم يكن .

أما الفارابي فقال إن البعث والخلود يكون لأصحاب النفوس العالمة نفوس العلماء لأنها تبقي بالعلم ، أي بعلمها الذي تعلمته، والتفوس الجاهلة التي ليس لها معلوم تفسد.
إذن الفارابي لم يذكر الجسد بكلمة وانما كان حديثه منصبا علي النفوس وليست كل الأنفس وانما الأنفس العالمة.

أما الشيخ الرئيس فتأرجح في هذه المسألة، تارة يقول الشرع يجمع بينهما ونحن نؤمن بالقرآن والسنة إذن البعث جسدا وروحا واقع لامحالة.

وتارة يقول منطق العقل يقول كيف بهذه الاجساد التي ارمت وتحللت وصارت تراب وأرض زرع فيها وحرث أنا بها من عودة وأنا بها من حياة أخري.
ومن ثم أنكر المعاد الجسماني.

إلا أن القرآن قال قولا فصلا في هذه المسألة ببيان قصص من أماتهم الله ثم أحياهم ، كقصة أهل الكهف ، وأهل القرية التي كانت خاوية على عروشها.

كذلك الاستدلال بالنشاة الأولي، (أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد)
أيضا الاستدلال بالقدرة الإلهية، في قوله تعالي
(أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر علي أن يحي الموتي، بلي انه علي كل شيئ قدير)

فهل اعملنا عقولنا وعرضنا ماتقدمه هذه العقول المنيرة المستنيرة علي قلوبنا.
إذا ما تحققت المعادلة سنطمأن ونهدأ.