أخبار عاجلة
دكتور خالد عبد الغني

( من هو الدكتور العالم الفذ خالد عبد الغني ؟ ) بقلم ” دينا الجميلي “

إنه واحد من النقاد الذين مازجوا بين علم النفس والنقد الأدبي و أصدر لذلك العديد من الكتب النقدية سواء المتعلقة بالأدب أو علم النفس في مختلف المجالات العلمية وكذلك التربوية وفي غضون سنوات قليلة أصبح واحدا من النقاد الذين لا يقام مهرجان أو مؤتمر أدبي دون أن يكون له حضور فاعل فيها …
ولد خالد عبد الغني في قرية بلقس تابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية و كانت
الحياة في القرية مزيجا من التعليم حيث المدارس والتلقي الديني حيث وجود ثلاثة مساجد كبرى نسبيا وكان يسكن بالحي القديم بالقرب من المسجد الأكبر والأقدم بالقرية وفيه عرف الصلاة وقراءة القرآن ودروس العلم الديني في جوانبه المختلفة وهذه النشأة لابد أنها تركت في أعماقه عقيدة راسخة وقيم أخلاقية وتنوع معرفي ثقافي زاد مع الأيام بعد أن عمل والده في أحد المصانع التي كانت تقوم بإعادة تدوير أوراق الكتب والمجلات والجرائد إلى أوراق سميكة -كرتون- وكان والده يجلب يوميا كتابا أو مجلة أو جريدة وظل على هذا النحو لمدة ثلاثين عاما وهذا العمل كون لديه مكتبة ضخمة في سن مبكرة جدا .. كان والده هو معلمه الأول الذي علمه مبادئ القراءة والكتابة والرسم وشجعه لأن يكون مثل الشيخ الشعرواي أو الدكتور مصطفى محمود أو غيرهم من نجوم ذلك الزمان ، ولربما كان اختياره لموضوع الدكتوراه عن رسوم الأطفال والمراهقين استجابة لاشعورية لوفاءه تجاه الأب وما تركه من تعاليم في حياته أو كرغبة دفينة لاستمرار وجوده في حياته .. كان خالد عبد الغني طفلا ذكيا ولماحا ومتفوقا ومؤدبا للغاية لا يعرف الألفاظ النابية ولا يشترك في أنشطة عدوانية مع الطلاب .. ثم عمل بالصحافة فور التخرج من الجامعة بجريدة “النور” الإسلامية التابعة لحزب الأحرار وفي تلك الفترة رأي الصحفي العملاق مصطفى أمين وعادل حسين ومحمد عبد الله السمان ومحمد الغزالي وغيرهم الكثير والكثير ، وعمل في الوسط الثقافي بعد ذلك وبدأ النشر العلمي بالصحف الخليجية أثناء عمله خارج مصر ثم بعد عوده نشر سبعة وثلاثين كتابا ، وعمل مدير تحرير مجلة الرواية ونائب رئيس تحرير مجلة التحليل النفسي ومؤسس ورئيس تحرير مجلة النداء وصاحب جائزة خالد عبد الغني التفوق العلمي منذ عام 2010 .

و يقول عنه رفيق دربه وزميله في الدراسة في المرحلة الثانوية والجامعية – أشرف صادق مرعي- : جمعنا العمل المشترك في التربية والتعليم فهو دمث الخلق ، متواضع ومحب للعلم ومبتسم دائما برغم كل الصعاب التي واجهها ويواجهها ، يعرف أصدقائه ويتفقد أحوالهم ولا يتردد في مد يد العون لهم إذا كان ذلك في استطاعته فهو كالشمعة التي تحترق لكي تنير الطريق للسالكين ، وقد عشت معه الكثير من الذكريات حين كان عليه تحصيل العلم في ظروف مادية ومعنوية قاسية وها هو يتفوق في المرحلة الثانوية ويلتحق بالجامعة في قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة بنها وكان عليه أن ينجز هذه المرحلة ، وقد تحقق له ذلك ، وشرع في تحقيق التميز بالحصول على الدراسات العليا وكانت هذه مرحلة فارقة في حياته فكيف سيحقق هذا الحلم في ظل ظروف مادية شديدة الصعوبة وأمامه المستقبل الذي يحتاج لكل دقيقة وكل مليم لبناء حياته الاجتماعية والأسرية ، كانت أولى خطوات خالد متعسرة إذ رسب لأول مرة في حياته في امتحان السنة التمهيدية للماجستير بآداب بنها في العام الدراسي 1992/1993 وأن الدفعة بكاملها قد رسبت ولم ينجح منها أحد ، فقام بسحب أوراقه من الكلية وعند خروجه قابل أحد أساتذته حينها وكان يشغل منصب رئيس القسم فقال له “يا خالد الليسانس لكل الناس أما الماجستير والدكتوراه فليست لكل الناس اذهب وابحث عن عمل لتعين به نفسك قاصدا الإشارة إلى أن الباحثين في الماجستير والدكتوراه لابد وأن يكونوا من ذوي المال والثراء ، فرد عليه خالد قائلا ” سوف أتقدم للدراسة بجامعة عين شمس ولسوف أثبت لك إني من الذين يستحقون الحصول على الماجستير والدكتوراه ” .. وبدأ خالد الطريق من جديد وتقدم للدراسة بجامعة عين شمس وتفوق بها وعاد لـ بنها من جديد ليسجل الماجستير مع أستاذه د.عادل كمال خضر ولكن رئيس القسم ذلك الذي حدثتكم عنه سابقا رفض تسجيل الخطة وماطل في صلف وقسوة فما كان من الدكتور خالد إلا أن شكاه لعميد الكلية آنذاك د. محمد إبراهيم عبادة الذي أنصفه وسجل له الرسالة بعد شد وجذب ومعاناة لا مثيل لها ، واجتهد خالد أكثر وأكثر وأنهي رسالته وجاء رئيس القسم ذلك الرجل القاسي قلبه والمتحجر عقله فاعترض على الرسالة بعد المناقشة وامتنع عن التوقيع على تقدير الرسالة فما كان من الفاضل د.قدري محمود حفني الأستاذ الأشهر في علم النفس في مصر حينها والذي كان رئيسا للجنة الحكم والمناقشة على الرسالة بأن أصر على منح الطالب تقدير ممتاز في سابقة غير معهودة ، ولقد احتفظ خالد بهذا الموقف للدكتور قدري حفني طوال حياته بل وقدم عنه حلقة بالتليفزيون المصري وعدة حلقات بالإذاعة المصرية وعددا من المقالات بالصحف والمجلات وأخيرا قدم عنه كتابا حمل عنوان “قدرقدري حفني العالم والمفكر والإنسان ” ، وعاد خالد منتصرا في هذا اليوم ولكن هناك مرارة ظلت في حلقه طوال حياته نتيجة هذا الموقف المؤلم والمناقشة والمداولة التي استمرت من العاشرة صباحا حتى الرابعة عصرا وانتهت بهذا القرار الذي تلاه د.قدري حفني على مسامع الحضور وكانوا كثر ” قررت اللجنة بأغلبية الآراء منح الطالب درجة الماجستير بتقدير ممتاز ، ويمضي شهر واحد تقريبا بعد نيل درجة الماجستير ليقوم الدكتور خالد بإعداد خطة الدكتوراه وتقدم بها للقسم ، ولكن رئيس القسم رفض التسجيل هذه المرة بحجة أن الطالب لم يمر عليه وقت كاف بعد الماجستير وفعلا قدم طلبا لعميد الكلية آنذاك د. مصطفى السعدني ولكن عميد الكلية رفض طلبه لأنه ليس في القانون ما يمنع وفعلا سجل خالد خطة الدكتوراه بإشراف أستاذه د. عادل كمال خضر بعد مناقشة استمرت أربع ساعات للخطة في سيمينار عجيب حاول رئيس القسم وأحد تلاميذه من الدكاترة العاملين بالقسم عرقلة هذه الخطوة ولكن شجاعة المشرف ألجمتهما وقضت على حلمها برفض الخطة وبعد عامين من ذلك التسجيل ولصعوبة العمل بالجامعة فقد ذيع في الأوساط العلمية قيام رئيس القسم بمحاربة الطالب خالد وعندها ترك ذلك الموقف أثرا سيئا لدى بقية أقسام علم النفس التي كانت تجامله في حينها فقرر خالد السفر والعمل بالخليج وهناك حقق نجاحا منقطع النظير بالدوحة وكان ملء السمع والبصر وعاد وناقش الدكتوراه في عام 2003 وقبل المناقشة بشهرين يرحل أبوه للرفيق الأعلى وقد كانا صديقين وكان خالد يعد والده بكثير من التعويض عن الحياة القاسية ولكن الأب لم يحضر المناقشة ولم يرى ابنه دكتورا كما تمنى فكان طعم ذلك مرا ، مرارة لم تغيرها حلاوة النجاح الذي حققه بعد ذلك إذ كان يتمنى أن يرى والده مؤلفاته التي بلغت أربعين كتابا أو يزيد وعشرات المؤتمرات العالمية ومئات المقالات والبحوث بالصحف والمجلات والأحاديث التليفزيونية والإذاعية في مصر وخارجها والإعجاب والإشادة التي يحظى بهما شخصيا أو تنالها مؤلفاته المنشورة في كل من البلاد العربية والأوروبية وكتبه الموجودة بالجامعات العربية الكبرى بمصر والخليج بل وبمكتبة الكونجرس الأمريكي ، وأن يرى تسابق الجوائز التي تلاحقه وعشرات التكريمات التي يرفضها ، وسط هذا النجاح الذي تحقق بفضل الله وبمقاومة الإحباط وبالتمسك بفضيلة الكفاح…

وحين سأله المؤرخ المصري المعروف أبو الحسن الجمّال : نرى أنك تكتب عن أجيال متقدمة في السن فما السبب؟ .. أجاب : كنت من تلك القلة التي وضعتها الأقدار في صحبة رجال عظماء سواء في مجال الفكر والعلم والأدب والثقافة والفن والدين ، فمنهم من صحبته سنوات ومنهم من كانت صحبته لقاءات عابرة وسريعة ولكنها تركت أثرها في نفسي وامتد فيما بعد ، وكان حظي إني عرفت الأجيال المؤسسة وكانوا متقدمين في العمر جدا فمثلا رأيت عبد العزيز القوصي وهو مواليد 1906 والجيل الثاني لويس مليكة 1921 ومصطفى صفوان 1921 وبعد ذلك جيل الثلاثينيات سيد عثمان 1931 و عزت الطويل 1932 وبعد ذلك أحمد فائق 1936 وحسين عبد القادر 1936 وفرج طه 1937 وفرج أحمد فرج 1938وقدري حفني 1938 وعبد الستار ابراهيم 1939 وأحمد خيري حافظ 1942 كل هؤلاء رأيتهم واستمعت لهم وتحاورت معهم وبالتالي فقد أغنوني عن الأجيال اللاحقة بالإضافة إلى أنهم كانوا أكثر إنتاجا .. وكذلك الكتابة عنهم لا شبهة فيها فأما الأجيال التي في السلطة فهناك شبهة التقرب إليهم أو جني نفع من وراء الاهتمام بهم ، أما الأجيال التي هي خارج السلطة فلا نفع ولا شبهة من الاقتراب منهم .. كما ترى في الأسماء المذكورة.

.. نشر للدكتور العالم خالد عبد الغني أكثر من 40 كتابا مختلفا في هذا المجال منها (التحليل النفسي والأدب .. احتياجات وضغوط أسر المعاقين .. الذكاء والشخصية .. الدلالات النفسية لتطور رسوم الأطفال .. نجيب محفوظ وسردياته العجائبية وكذلك نجيب محفوظ من الجمالية إلى نوبل وأيضا نجيب محفوظ بين الأسطورة والتحليل النفسي .. اضطراب الشخصية “دراسات في الرواية العربية” .. اضطراب الهوية الجنسية .. علم النفس ومشكلاتنا النفسية فضلا عن كتب التحليل النفسي وقضايا العصر .. الشخصية المحورية في الرواية .. عبد الستار إبراهيم “الخطاب والايدولوجيا” .. سيكولوجية رسوم الأطفال العاديين والفئات الخاصة إضافة إلى سيكولوجية العنف والإرهاب في عالمنا المعاصر .. الذات والموضوع في الثقافة العربية المعاصرة وغيرها من الكتب العلمية والأدبية.