أخبار عاجلة

نفاذ كتاب “الفكر الليبرالى فى مصر” قبل حفل الهيئة لتوقيعه

حددت الهيئة المصرية العامة للكتاب السبت 2فبراير موعدا لحفل توقيع كتاب “الفكر الليبرالى فى مصر” للباحثة إيمان العوضي؛ فيما نفذت الطبعة الأولى منه منذ طرحها بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى يوبيله الذهبي.

الكتاب يحمل عنوان “الفكر الليبرالي في مصر ١٩١٩-١٩٦١” تأليف إيمان العوضي الصحفية بالأهرام، تقديم الدكتور عاصم الدسوقي من إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب وسبق عرضه خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠١٨ بدورته ال49.

واستكملت الهيئة العامة للكتاب طباعة أعداد إضافية من الفكر الليبرالي في مصر وطرحت بالمعرض الذهبى وشارك الكتاب بالعديد من المناقشات والمعارض الدولية ومعارض المحافظات .


ويتناول الكتاب إحدي القضايا الخلافية بين الباحثين في تاريخ مصر المعاصر سواء من المصريين أو من الأجانب عربًا كانوا أم عجمًا، ألا وهي قضية الليبرالية.. وهل شهدت مصر تجربة ليبرالية في الحكم والسياسة قبل عام 1952 أم شهدت مفكرين من طراز خاص طرحوا الفكر الليبرالي، وفق ما اطلعوا عليه في الصحافة والكتب وفي ساحة العمل السياسي في مختلف بلدان أوروبا الغربية على وجه الخصوص.

والشائع بين معظم الباحثين أن مصر شهدت تجربة ليبرالية في مصر بدأت مع دستور 1923 من خلال برلمان يضم مختلف القوى السياسية حزبية وغير حزبية تداولت الحكم من خلال انتخابات، وتم تقويض هذه التجربة بقيام ثورة 23 يوليو 1952 بإلغاء الدستور وإلغاء الأحزاب وإقامة التنظيم السياسي الواحد.

أما الحقيقة الموضوعية في هذا الشأن – بحسب ما خلصت إليه العوضي في كتابها-، تتلخص في أن مصر لم تشهد تجربة ليبرالية حقيقية لعدة دلائل في مقدمتها، أن الملك كان يعصف بالدستور ولا يقيم له وزنًا، حيث درج على إقالة الحكومة القائمة وتكليف أحد أتباعه (رجال القصر اصطلاحًا) بتشكيل حكومة جديدة دون إجراء انتخابات. ومما يؤكد هذا أن مصر شهدت أكثر من 32 حكومة منذ أول حكومة برئاسة سعد زغلول (يناير1924) وحتى ليلة 23 يوليو 1952 لكن لم تجر الانتخابات إلا ست مرات فقط، بل إن محمد محمود باشا رئيس الحكومة أصدر قرارًا بحل البرلمان في 1938 وعرفت حكومته بحكومة اليد الحديدية، وأن مصطفى النحاس رئيس حزب الوفد “الليبرالي” قبل تشكيل الحكومة في 4 فبراير 1942 بتدخل من السفير البريطاني مايلز لامبسون (لورد كيلرن)، الذي أرغم الملك فاروق على تكليف النحاس بتشكيل الحكومة.
وفي هذا الخصوص أيضا قالت إيمان العوضي:” نجد أن دستور 1923 “الليبرالي في عرف أولئك الباحثين” ينص على كل مبادئ حرية الفكر والاجتماعات والتعليم وحرية الصحافة، ولكن “في حدود القانون أو الأعراف أو التقاليد”، بل إنه بعد النص على أن الصحافة حرة ولا يجوز مصادرة أي صحيفة إلا بقانون، نجده ينص على جواز مصادرة الصحف وقاية للمجتمع من الأفكار الهدامة. ومن الواضح أن هذا القيد جاء لمواجهة إعلان قيام الحزب الشيوعي المصري في “1921.

وفي قانون الانتخاب الذي صاحب الدستور تم النص على شروط من يرشح نفسه لعضوية البرلمان قصرت العضوية في النهاية على أبناء الطبقة العليا في المجتمع من كبار ملاك الأراضي الزراعية وأصحاب رأس المال التجاري والصناعي، حيث نص القانون على أن الذي يرشح نفسه لمجلس الشيوخ يكون ممن يدفعون ضريبة أطيان زراعية قدرها 150 جنيهًا سنويًا، وهذا يعني آنذاك أن يكون مالكا لـ 300 فدان. لأن ضريبة الفدان آنذاك كانت خمسين قرشا (نصف جنيه)، أما الذي يرشح نفسه لمجلس النواب فكان عليه أن يدفع تأمينا قدره 150 جنيهًا لا ترد له إلا إذا حاز على 5% من الأصوات على الأقل. وبهذه الشروط وقع البرلمان في يد هذه الصفوة التي اهتمت بحماية مصالحها على حساب الطبقة الوسطى والفلاحين والعمال. والذي يتابع مضابط برلمان الفترة من 1924-1952 يجد هذه الحقيقة ماثلة ومؤكدة دون مشقة أو عناء.
وبناء على هذه المعطيات تأتي أهمية هذا الكتاب الذي وضعته إيمان العوضي عن “الفكر الليبرالي في مصر 1919-1961″، وليس عن التجربة الليبرالية في مصر كما هو شائع بين معظم الباحثين، حيث تناولت مفهوم الليبرالية بشكل عام، ثم عرضت لنماذج من دعاة الفكر الليبرالي في مصر من أصول مختلفة (أحمد لطفي السيد، والشيخ على عبد الرازق، والأديب نجيب محفوظ)، ثم قدمت نماذج لحركة الأحزاب ذات الفكر الليبرالي في مقدمتها الوفد، ثم الأحرار الدستوريين، والهيئة السعدية، والكتلة، وجميعها منشقة عن حزب الوفد أساسا. وأخيرًا تتناول مسألة انحسار الفكر الليبرالي في مصر منذ ثورة 23 يوليو 1952 حتى 1961 وهو معنى مختلف عن القول الشائع بتقويض التجربة الليبرالية في مصر مع قيام الثورة.