أخبار عاجلة

متخصصون: الموسيقى لغة لا تعرف الإعاقة

متخصصون: الموسيقى لغة لا تعرف الإعاقة

في إطار توجيهات وزير الثقافة الأستاذ الدكتور أحمد فؤاد هنو بدعم وتمكين ذوي الهمم، نظمت الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية برئاسة الأستاذ الدكتور أسامة طلعت، اليوم الاثنين الموافق 1 ديسمبر 2025، احتفالاً باليوم العالمي للإعاقة، وذلك من خلال ندوة بعنوان «الموسيقى لغة لا تعرف الإعاقة» التي عُقدت بقاعة علي مبارك، ونظمها قاعة الموسيقى، التابعة لخدمات القراء بالإدارة المركزية لدار الكتب، برئاسة الدكتور مينا رمزي، وتولت إدارتها الأستاذة رشا أحمد مدير قاعة الموسيقى.

جاءت الندوة في إطار رؤية وزارة الثقافة لدمج ذوي الهمم وإبراز قدراتهم الإبداعية، وتسليط الضوء على دور الموسيقى والفنون في تنمية مهاراتهم وإتاحة فرص حقيقية لتألقهم وإثبات الذات.

وعلى هامش الندوة، تم إطلاق ورشة للأعمال الفنية لذوي الهمم، نفّذ خلالها المشاركون طباعة الآلات الموسيقية بتقنية «الاستنسل» على مفارش مصنوعة من خامات الدك والخيش. وقد نفذت الورشة كل من آلاء مجدي وآيه مجدي من ذوي الهمم، بمشاركة مجموعة من الحضور من الأطفال والشباب، في إطار دعم دمج الفن التشكيلي مع الموسيقى وإتاحة مساحة للتعبير الإبداعي الحر.

أكدت الدكتورة سلوى حسن أن كثيراً من الأغاني المتداولة اليوم تعاني من غموض الكلمات ورداءة النطق، حتى إن المستمع العادي يجد صعوبة في فهم ما يسمعه، وقالت إن هذا الارتباك ينتقل مباشرة إلى الطفل، خاصة الطفل من ذوي الهمم، فيتولد لديه قلق وتوتر بسبب عدم قدرته على إدراك المحتوى.

ودعت إلى ضرورة تقديم موسيقى هادئة ذات كلمات واضحة للأطفال، لأنها تمنحهم شعوراً بالسكينة وتساعدهم على الاستماع دون ارتباك، مؤكدة أن وضوح الغناء هو مفتاح الارتياح النفسي لدى الطفل، واختتمت كلمتها معبرة عن سعادتها بالمشاركة، ومشيدة بدور دار الكتب في احتضان مثل هذه الفعاليات الإنسانية.

استعرض المخرج محمد فوزي حجازي تجربته في تدريب مجموعة من الأطفال من ذوي الهمم ضمن برنامج «الإعلامي الصغير»، معبراً عن فخره الشديد بالمستوى المبهر الذي قدموه.

وأوضح أن الأطفال تمكنوا من إجادة مهارات الإعلام الأساسية مثل الوقوف أمام الكاميرا، الإلقاء، إدارة الحوار، والتعبير الواثق أمام الجمهور، بل وتفوق بعضهم على المتدربين من غير ذوي الهمم.

وأشار إلى أن ما شاهده من قدرات أكد له أن الفرصة والدعم هما فقط ما يحتاجه هؤلاء الأطفال لإظهار طاقاتهم الهائلة.

قدمت الباحثة ولاء محمد محمود من المركز القومي لثقافة الطفل مداخلة ثرية استعرضت خلالها مسيرة المركز في دعم ذوي الهمم منذ إنشاء القسم عام 2006 على يد الزميلة الراحلة مران إبراهيم. وبعد رحيلها تولت الأستاذة مانيل منيب تطوير القسم وإطلاق برامج موسعة في الذكاء وتنمية المهارات والفنون والحرف.

وأشارت إلى أن المركز لا يدرب الأطفال فقط، بل يصنع نماذج مضيئة خرجت إلى المجتمع، ومنهم: سامح: الذي بدأ طفلاً في ورش الطباعة وأصبح اليوم شاباً يشارك في احتفالات «قادرون باختلاف» بحضور رئيس الجمهورية، تقى رمضان: التي تعلمت «الطنّورة» داخل المركز وأصبحت إحدى أشهر الوجوه في الفنون الشعبية عبر منصات التواصل، أميرة عصام: الموهوبة التي فازت بجوائز فنية متعددة وتم تكريمها مؤخراً في ملتقى الأراجوز، عمر صابر: الطفل الكفيف الذي حصل على جائزة «المبدع الصغير» بعد مثابرة مذهلة، إسلام أحمد: الذي تفوق في مدرسة «الأراجوز» وحصل على جائزة أفضل لاعب بقيمة 3000 جنيه.

وشددت ولاء على أن هذه النجاحات تؤكد أن الموهبة لا تعترف بالإعاقة، وأن سر النجاح الحقيقي يكمن في إصرار أسر هؤلاء الأطفال الذين يكافحون يومياً للوصول والمشاركة والتدريب.

واختتمت بدعوة مؤسسات الثقافة والتعليم لإدراج برامج تدريبية حول التعامل السليم مع ذوي الهمم وتنمية مواهبهم المهنية والفنية.

قدم الدكتور مجدي صابر ثابت مداخلة علمية مميزة تناول فيها التحول الكبير في الاهتمام بذوي الإعاقة البصرية بعد عام 2018، مؤكداً أن الموسيقى تمثل لغة داخلية عميقة تساعد المكفوف على التوازن واتخاذ الاتجاه الصحيح.

وأوضح أن علاقة الإنسان بالموسيقى تبدأ جنيناً مع سماع نبضات قلب الأم، وأن المكفوف يتمتع بقدرات صوتية أعلى لأن الدماغ يعيد توزيع وظائفه عبر «المرونة العصبية».

وأشار إلى أن العصا البيضاء ليست أداة سير، بل «أوركسترا الطريق» التي تعطي صاحبها إيقاعاً ونظام إنذار مبكر.

كما استعرض مثال كرة الجرس التي يعتمد فيها اللاعب الكفيف على الترددات الصوتية، مؤكداً أن بعض المكفوفين يصلون لاحتراف يفوق المبصرين.

واختتم بأن رحلة التوجه والحركة للمكفوف ليست مجرد تدريب، بل هي رحلة استقلال وحرية تعتمد في جوهرها على الإيقاع.

اختتمت الندوة بالتأكيد على أن الإبداع لا يعرف الإعاقة، وأن وزارة الثقافة مستمرة في دعم ذوي الهمم عبر برامج فنية وثقافية تُعلي من حقهم في المشاركة والتميز. ثم بدأ الحضور في الاستمتاع بالفقرات الفنية المقدمة من كورال «نكمل بعض» ومواهب الأطفال المشاركين.