أخبار عاجلة

المخرج نبيل كومار يكتب: صانع الأحلام يحيى عزمي يترك فراغًا في سماء السينما والفن

في صمتٍ يحملُ وقْعَ الصدمة، وعلى مهلٍ تاركًا وراءهُ إرثًا زاخرًا بالجمال والعطاء، رحل عنا
الدكتور يحيى عزمي، أستاذ الإخراج بالمعهد العالي للسينما، ، ففقد الفن المصري بوفاته جزءًا كبيرا من رونقه وجماله، وشُغِلَ بمصابه فراغٌ لن يُملأ.

لم يكن الراحل مجرد أستاذٍ يُلقي محاضراته وينصرف، بل كان رائعًا في كل شيء؛ في علمه العميق، وفي صوته الهادئ الحكيم، وفي نظراته التي كانت تختزن حكاياتٍ لا تُحصى من عالم السينما الساحر. كان الإنسان المُذهَّب الذي منح بلا حساب، والمعلّم الفاضل الذي أثرى الحياة الفنية ليس فقط بأعماله، ولكن بما غرسه في آلاف العقول التي شكّلها بيديه الحرفيتين. لقد كان مهندسًا لأحلامٍ تحولت إلى أفلامٍ راسخة في وجدان المشاهد العربي، وتخرّج على يديه جيلٌ بعد جيلٍ من السينمائيين الذين حملوا مشاعلَ الفنّ الأصيل إلى كل مكان.

كان، رحمه الله، مذهَّبًا بمعنى الكلمة؛ فالمهابة هنا لم تكن في صرامةٍ جافة، بل في هيبةٍ نابعة من مكانةٍ علمية وأخلاقية لا تقارن، جعلت منه رجلاً بمعنى الكلمة، قدوةً في التواضع والحكمة والخلق الرفيع.

إنّ خسارته ليست خسارةً لأستاذٍ فحسب، بل لفكرةٍ كاملة عن المعلّم القدوة الذي وهب حياته ليرى تلاميذه يضيئون الدنيا.

لن ينسى أحدٌ من عرفه أو تتلمذ على يديه ذلك الأب الروحي، الذي سيبقى خالدًا في القلوب قبل العقول، حاضِرًا في كل لقطة جميلة، وفي كل قصةٍ تحملُ روحًا إنسانية، وفي كل إطارٍ سينمائيٍّ نُفِخَت فيه الحياة.

وفي هذا المصاب الجلل، نرفع أحرّ مواساتنا وقلوبنا المكلومة إلى أسرة الفقيد الكريمة، وإلى زوجته الفاضلة الأستاذة الدكتورة غادة جبارة، رئيس أكاديمية الفنون، والتي كانت سندًا وعونًا في رحلته. وإلى الأستاذة الدكتورة منى الصبّان، رئيس المدرسة العربية للسينما والتلفزيون، والتي تربطها به صلةٌ أسرية وروحية مميزة كزوجة شقيقه، فخسارتها مضاعفة، فما أقساه من فقدان.

رحل الجسد، لكنّ سيرة الرجل وأفكاره وأخلاقه وتلاميذه هم الأثر الباقي، والشاهد الأكبر على حياةٍ قضاها في خدمة الفنّ الرفيع. طوبى لمن علّم فأحسن، وأخرج فأبدع، وعاشَ محبوبًا، ومضى تاركًا في القلوب ذكرى لا تنتهى.