في أواخر يوليو و بداية أغسطس عام 1983، أقدم النظام العراقي السابق على جريمة شنيعة ضد شعبه، وتحديدا ضد القومية الكردية، فقام بعد ترحيل أبناء البارزانيين من محل سكناهم في بارزان، إلى أطراف قصبة تدعى قوشتبة قرب أربيل، وفي ليلة ظلماء سوداء، ألقى القبض على ثمانية آلاف شخص من الشيوخ والنساء والأطفال، وقام بترحيلهم إلى مناطق من صحارى بجنوب العراق قرب الحدود السعودية، ودفنهم أحياء.
جريمة هذا النظام بحق هؤلاء تمت دون سبب أو محاكمة أو أي اتهام، سوى أنهم كورد، واليوم؛ نحن نتذكر هذه الجريمة البشعة التي نعجب لها حتى اليوم، فقد ارتكبها نظام ضد شعبه، لا ضد محتل أو في مواجهة عدو أو مستعمر، وسط صمت أصحاب الضمائر و أرباب المنظمات التي تدعي الديمقراطية وحماية السلام، ودون أن تعلن الحكومات العراقية التالية على سقوط هذا النظام هذا اليوم يوم حداد في العراق، أو تعتبر هؤلاء الضحايا شهداء رسميا، وتجاهلت تعويض ذويهم وهو أمر لو حدث لا يساوي بالطبع قطرة دم من جسد أحدهم .
والغريب في القرار رغم تعسفه و حقده على الشعب الكوردي، أن هؤلاء لم يرتكبوا جريمة أو عمل ضد القانون، أو خرقا للتعليمات، ولا عملوا ضد العراق، بل كانوا مواطنين عزل لا حول ولا قوة لهم، فقط جرمهم أنهم من أبناء الكورد الأصليين في هذه المنطقة و البقعة من العالم.
أقدم النظام العراقي البائد في أغرب عملية إبادة جماعية خالفت الأعراف العسكرية و القوانين الدولية، على إنهاء حياة ثمانية آلاف شخص من النساء و الشيوخ و الأطفال دون وجه حق، و هم من البارزانيين الذي يشهد لهم بالتاريخ بالنزاهة و الوطنية والوقوف بوجه كل دكتاتور ظالم.
عندما نستذكر هذه الجريمة البشعة؛ نستذكر بكل إجلال واحترام هؤلاء الشهداء، لأرواحهم البريئة، نستخلص الدروس والعبر في الدفاع عن الوطن و الحرية، وندين كل جريمة ارتكبت بحق الأبرياء، ونؤكد مجددا أن المجتمع الدولي مطالب و الحكومة العراقية باعتبار هؤلاء شهداء، فقد ضحوا بدمائهم من أجل الوطن و الحرية و الديمقراطية، و على المجتمع الدولي تجريم كل أنواع العنف ضد الإنسانية، وإعادة تقييم موقفه من جريمة إبادة الكورد وكل الشعوب الحرة التي لاقت ذات المصير على أيدي الطغاة.
