الكورد من شعوب الشرق الأوسط الأصيلة التي تأثرك عاداته وتقاليده، ويأخذك تراثُه وجماليات فلكلوره، وتتناغم خوالجك مع فنونه ومقامات أوتار موسيقاه؛ فالكورد ليسوا مميزين عن غيرهم في الجنس واللغة فحسب، وإنما لهم ثقافتهم وحضارتهم المختلفة، ولهم ملابسهم الخاصو، وطعامهم المميز. وحتى تفاصيل المظاهر الاجتماعية للكورد ومناسباتهم العائلية محترمة باحترام ثقافة المكان والزمان المنبثقة منه.
ومما ورد عن عادات الشعب الكوردي ما ذكره محمد خورشيد أحد المسؤولين العثمانيين وأحد أعضاء اللجنة التي شكلها السلطان عبد المجيد 1839–1861م، للقيام برحلة على الحدود العثمانية الإيرانية للاطلاع على أحوال قاطنيها وجغرافيتهم، وهو ما تم فعلاً في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وأعدّ بذلك تقريرًا مفصّلا تجاوز الـ 400 صفحة، نشر بعد ذلك في كتاب عنوانه: «سياحتنامه حدود».
قال المسؤول العثماني في هذا التقرير إن الشعب الكوردي شعب مرح، يحب الحياة، ولا يترك أي مناسبة إلا ويستمتع بها. وذكر أنه حضر بنفسه بعض هذا المظاهر؛ إذ يقول إنه عند إقامة البيت الكوردي أي وليمة يقف الرجال والنساء، ويمسك الرجل بيد زوجته ويرقصون. وفيها يضحكون وكأنهم قد أمسكوا بأسباب السعادة كلها رغم قلة الحال وشقاء السعي على الرزق.
وعن ليلة الزفاف في المجتمع الكوردي يقول المسؤول العثماني: يحمل الكورد العروس على أحد الخيول، ويتجولون بها في موكب الطبل والزمر، حتى يصلوا بها إلى منزل الزوج، ثم يصعدون إلى أعلى المنزل. وحينذاك يأخذ الزوج في إحدى يديه عصا، وفي الأخرى ديكًا، ويصعد إلى السطح ويقف بجوار العروس، ويضربها بالعصا عدة ضربات خفيفة. ثم يرمي الديك من أعلى السطح. ويحاول الأهالي الواقفون تحت المنزل الإمساك بالديك. وفي أثناء ذلك ينثر الزوج عليهم السكر أو النقود، فيأخذ كل واحد منهم ما يقع عليه.
ومعنى ضرب الزوج عروسَه بالعصا أنه يعلن للجميع سيكون قوّامًا لزوجته، وأنه قادر على توجيهها عن الحاجة. أما رميه الديك من فوق المنزل فيعني أن الزوج بمثابة الديك للدجاج، فمثلما تنقاد الدجاجة للديك يجب أن تكون العروس منقادة لزوجها بما لا يخدش حقوقها وينال من كرامتها التي تضاهي شموخ جبال زاجروس ومتين وأزمر وزاوا.
وهذا ليس مستغربًا، بل هناك ما يقرره على أرض الواقع؛ فالمرأة الكوردية مع وقارها وعفافها تعيش سيّدة في بيتها عبر التاريخ، وتولّت الحكم والإدارة والإرشاد والتوجيه المجتمعي، أمثال مير زانزاد وقره فاطمة وعادلة خان وليلى قاسم وليلى زانا. وهي شريكة زوجها يدًا بيدٍ وقدمًا بقدمٍ في عمله أيًّا كان نوعه بما يلبي احتياجات الأسرة والمجتمع، تلك سمة لفت انتباه الكثير من الرحالة الأجانب الذين زاروا مدن وقرى كوردستان خلال القرون السابقة بعدما وجدوها مغايرة لما رأوه عن المرأة في المجتمعات العربية والفارسية والتركية. ولعل ذلك يفسر الوجود البارز للمرأة الكوردية في البيشمركه والشرطة تحمل السلاح مناضلة ومحافظة على الأمن الداخلي مع زملائها من الرجال، وقد بدى ذلك في محاربة داعش أكثر جماعات الإرهاب وحشية وظلامًا، الانتصار عليها.
