الدكتور نبيل فزيع يكتب: أسوأ بطولة دوري يحصدها النادي الأهلي في التاريخ
الرياضةُ منافسةٌ شريفةٌ يُفترضُ فيها النديّةُ والإخلاصُ، حيثُ يلتزمُ كلُّ فريقٍ باللعبِ الحرِّ البعيدِ عن المجاملةِ . كما أنَّ من أساسياتِ الروحِ الرياضيةِ تطبيقَ القانونِ على الجميعِ دونَ محاباةٍ. فإذا انسحبَ فريقٌ من إحدى المباريات، وجبَ خصمُ ستِّ نقاطٍ منه، كما حصلَ مع نادي الزمالكِ في الموسمِ الماضي. لكنَّ ما حدثَ في البطولةِ الأخيرةِ لم يكنْ سوى مسرحيةٍ هزليةٍ بلا معنى، أساءتْ إلى الكرة المصرية وزعزعتْ ثقةَ الجماهيرِ في عدالةِ المنافسةِ.
وما أشبهَ الليلةَ بالبارحة! فاليومَ أتذكرُ ذلك الهدفَ الأسطوريَّ للمعلِّمِ حسنِ شحاتهِ في مرمى الأهلي، الهدفُ الذي كانَ سيتوَّجُ الزمالكَ بطلاً للدوري، وهو هدفٌ صحيحٌ مئةُ ألفِ بالمئةِ! ومعَ ذلك، أُلغِيَ بدعوى التسللِ، ليُهدرَ حقُّ الفريقِ ويذهبَ الدوريُ للنادي الأهليِّ في كارثةٍ كرويةٍ نادرةِ الحدوثِ. واليومَ تتكررُ المأساةُ بصورةٍ جديدةٍ، فتُفقَدُ معها هيبةُ الرياضةِ ومصداقيتُها.
إنَّ ما تشهدهُ الساحةُ الكرويةُ الان ليسَ سوى انتهاكٍ صارخٍ لروحِ المنافسةِ، حيثُ تُطبَّقُ المعاييرُ بازدواجيةٍ وتُهمَلُ القوانينُ حينما يتعارضُ تطبيقُها مع مصالحَ معينةٍ. فإذا كانَ الانسحابُ يُعاقبُ عليهِ الزمالكُ بخصمِ النقاطِ، فلماذا لا يُطبَّقُ ذاتُ القانونِ على الجميعِ؟ ولماذا تُلغى الأهدافُ الواضحةُ وتُمنحُ الألقابُ في ظلِّ شكوكٍ تلاحقُ المنافسة .
والأهليُّ، الذي يُفترضُ أنْ يكونَ الناديَ الأكثرَ احترافيةً وتاريخاً، يجدُ نفسَهُ اليومَ طرفاً في بطولةٍ مشكوكٍ في شرعيتِها، مما يُلقي بظلالٍ من الشكِّ على إنجازاتِه. فالفوزُ الحقيقيُّ هو الذي يتحققُ على أرضِ الملعبِ، لا في غرفِ القراراتِ المُلتبسةِ.
ختاماً، إنَّ استمرارَ هذه الأزماتِ دونَ حلٍّ جذريٍّ يُعمِّقُ أزمةَ الثقةِ بينَ الجماهيرِ والمسؤولينَ. فالكرةُ المصريةُ تحتاجُ إلى إصلاحٍ عاجلٍ، يبدأُ بتحكيمٍ عادلٍ وقوانينَ تُطبَّقُ على الجميعِ دونَ تمييزٍ، وإلا ستتحولُ الرياضةُ إلى مجردِ ديكورٍ يُخفي خلفَهُ فساداً يُدمِّرُ كلَّ معاني المنافسةِ.
*الكاتب محام بالنقض
“المقالات المنشورة لا تعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية عن مضامينها”