أخبار عاجلة

الدكتور نبيل فزيع يكتب: سوريا ولبنان.. مستقبل غامض وصراع مستمر

في قلب الشرق الأوسط، حيث تتشابك الجغرافيا مع التاريخ، تقف سوريا ولبنان كشاهدَين على تحولاتٍ سياسيةٍ عميقةٍ تمسُّ مستقبلهما ومصير شعبهما. ورغم كل التحديات، تبقى هاتان الدولتان شقيقتين للشعب المصري، تربطهما روابط الدم والثقافة والتاريخ المشترك. لكن الواقع الراهن يُظهر مشهدًا معقدًا من الصراعات الداخلية والخارجية، مما يطرح تساؤلاتٍ كبيرةً عن المستقبل.

سوريا.. من حرب أهلية إلى استغلال دولى :

بعد أكثر من عقدٍ على الأزمة السورية، لا تزال البلاد غارقةً في دوامة العنف والتدخلات الخارجية. ما بدأ كاحتجاجات شعبية تحوّل إلى حربٍ أهليةٍ طاحنة، ثم إلى ساحة صراعٍ إقليميٍ ودولي. النظام السوري، بدعمٍ من حلفائه، تمكّن من استعادة أجزاء كبيرة من البلاد، لكن الثمن كان دمارًا هائلًا في البنية التحتية ونزوح الملايين.

اليوم، تعاني سوريا من انقساماتٍ داخلية وتدخلاتٍ أجنبية، بين القوات الأمريكية في الشمال الشرقي، والنفوذ التركي في مناطق الشمال، والتواجد الإيراني والروسي في قلب صنع القرار. ومع استمرار العقوبات الغربية، يواجه الشعب السوري أزماتٍ اقتصاديةٍ خانقة، تدفع آلاف العائلات إلى الهرب بحثًا عن حياةٍ أفضل.

لكن رغم كل هذا، تبقى سوريا جزءًا أصيلًا من النسيج العربي، وشعبها شقيقٌ للشعب المصري الذي وقف ولا يزال يقف إلى جانب السوريين في محنتهم. مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تؤكد دائمًا على ضرورة الحل السياسي الذي يحفظ وحدة سوريا وسيادتها، بعيدًا عن الأجندات الخارجية.

لبنان.. بين الانهيار الاقتصادي والفراغ السياسي:

أما لبنان، فقصته لا تقل تعقيدًا. منذ انفجار مرفأ بيروت في 2020، دخل البلد في دوامةٍ من الانهيار الاقتصادي والسياسي، حيث فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، ووصلت نسبة الفقر إلى مستوياتٍ غير مسبوقة.

الطبقة السياسية اللبنانية، التي تتقاسم النفوذ منذ عقودٍ على أسس طائفية، فشلت في إيجاد حلولٍ حقيقية للأزمة. الفراغ الرئاسي المستمر، والخلافات بين الكتل السياسية، جعلت لبنان ساحةً للصراعات الإقليمية، خاصةً بين إيران وحلفائها من جهة، والقوى الغربية والعربية من جهة أخرى.

ومع ذلك، يبقى لبنان شقيقًا لمصر، تربطهما علاقاتٌ تاريخية وثقافية عميقة. مصر كانت ولا تزال داعمةً للاستقرار في لبنان، مؤكدةً على ضرورة الخروج من الأزمة عبر الحوار الوطني واختيار قيادةٍ تعيد للبنان أمانه وازدهاره.

وليس من شك أن سوريا ولبنان تواجهان تحدياتٍ وجودية، لكنهما ليستا وحيدتين. الشعب المصري، كشقيقٍ لهما، يتابع بقلقٍ ما يحدث، ويدعو إلى حلولٍ عادلةٍ تحفظ كرامة الشعوب وتعيد الاستقرار إلى المنطقة.

في النهاية، مستقبل سوريا ولبنان لن يُكتب إلا بتضامن عربي حقيقي، بعيدًا عن التدخلات الأجنبية، وبقراراتٍ وطنية تعيد الأمل لشعبَين عريقَين يستحقان العيش بسلام.