أخبار عاجلة

الدكتور نبيل فزيع يكتب: ليس دفاعًا عن ثورة يوليو.. بل إنصافًا للأبطال

أحترم الرأي والرأي الآخر، فالحوار الهادئ هو سبيلنا لفهم التاريخ وتقييمه بعيدًا عن الانحياز أو التشويه. منذ أيام، كتبتُ مقالًا عن ثورة يوليو المجيدة، فجاءني رد من أحد الأصدقاء يقول فيه إن الثورة كانت “خرابًا على مصر”، وأنها جاءت بالحروب والفساد . وللرد على هذا الرأي، أقول: إن تقييم أي حدث تاريخي يجب أن يكون شاملاً، فلا نغفل الإنجازات العظيمة تحت وطأة السلبيات، ولا ننسى أن الثورة كانت نقطة تحول كبرى في تاريخ مصر الحديث.

ثورة حررت مصر.. وأضاءت العالم

 

لننصف الأبطال الذين صنعوا مجدًا لا يُنكر. لقد رفع الشعب المصري رأسه عاليًا بعد ثورة يوليو، ليس فقط لأنها حررت مصر من الاستعمار والتبعية، ولكن لأنها جعلت مصر منارة للتحرر في العالم كله. لقد ساهمت مصر بقيادة جمال عبد الناصر في تحرير دول أفريقية وعربية من براثن الاستعمار، فأصبحت القاهرة عاصمة للثورات والحرية.

إن العالم المتحضر يعرف قدر هذا الزعيم، ويعرف أن مصر كانت صوت الحق في زمن كان فيه الصمت خيانة.

 

إنجازات لا تُنسى

أما عن الإنجازات الداخلية، فحدث ولا حرج:

الثورة العلمية والتعليم المجاني:

لأول مرة في تاريخ مصر، أصبح التعليم حقًا لكل مواطن، فتحولت البلاد إلى ورشة عمل ضخمة تخرج العلماء والأطباء والمهندسين الذين حملوا راية التقدم.

الثورة الصناعية:

شهد عصر عبد الناصر نهضة صناعية كبرى، من مصانع الحديد والصلب إلى الصناعات الثقيلة، التي أرست قاعدة الإنتاج الوطني.

بناء الجيش المصري:
من أهم إنجازات الثورة كان إنشاء جيش وطني قوي، فبعد سنوات من الضعف، أصبح الجيش المصري درع الأمة وسيفها. ونحن لا ننسى أن نكسة ١٩٦٧ كانت بداية لإعادة البناء، حيث خرج الجيش منها أقوى مما كان، ليهزم أعتى الجيوش في ١٩٧٣.

السلبيات لا تُلغى الإنجازات:

نعم، كانت هناك أخطاء، ونعم، واجهت الثورة تحديات كبيرة، لكن أين الحركة التاريخية التي سلمت من العيوب؟ الفساد الإداري والتحديات الاقتصادية كانت موجودة قبل الثورة وبعدها، لكن الفارق أن الثورة جعلت مصر دولة لها كيان مستقل، لها قرارها وسيادتها.

 

ليس الهدف تمجيد الماضي دون وعي، بل إنصاف رجال صنعوا تاريخًا يستحق التقدير. ثورة يوليو لم تكن كاملة، لكنها كانت ضرورة تاريخية نقلت مصر من الظلام إلى النور. فليختلف البعض مع أفكارها أو ممارساتها، لكن لا يمكن إنكار أنها جعلت المصريين يعيشون أحرارا، في زمن كان الاستعمار يحكم العالم.

فلنذكر أبطالنا بما يستحقون من فخر، ولنعلم أن إنصاف التاريخ هو بداية الطريق لفهم حاضرنا وبناء مستقبلنا.