أخبار عاجلة

الدكتور نبيل فزيع يكتب: إقليم كردستان.. إنجازات و تحديات

طالعت بيانات مشاريع الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كردستان العراق، والتي نشرتها مؤخرا دائرة الإعلام والمعلومات بالإقليم، وكلها أخبار مبشرة حقا، تؤكد على وجود إرادة سياسية واضحة على تحقيق النجاح، ولم لا؛ ورؤية الزعيم الكردي مسعود بارزاني واضحة في تحديد شروط نجاح أي بلد صاعد بعد حكم غير عادل أو مستقر، ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني له من الكاريزما والقدرة ما يدعم استقرار كردستان، بينما الكفاءة في ظل شفافية ومرونة أداء تجعل من حكومة بقيادة دولة رئيس الوزراء مسرور بارزاني قادرة على الفعل والتأثير.
رغم التحديات المالية الكبيرة التي يواجهها إقليم كردستان على مدى عقد كامل مضى، بين الحرب على داعش، ومواجهة فيروس كورونا، ثم البحث الدائم عن توافق وحلول للخلافات مع بغداد، التي اختلفت وزارة ماليتها مؤخرا أزمة رواتب موظفي الإقليم ومستحقات المتقاعدين، إلا أن حكومة الإقليم استطاعت تحقيق إنجازات تنموية كبيرة في مختلف القطاعات، من البنية التحتية إلى الأمن المائي والتحول الرقمي.
فشهد الإقليم مشاريع استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز الاقتصاد، وكانت حركة السياحة دلالة على استقرار أمن كردستان، وظلت حركة العمران في تطور كبير حتى بات الإقليم الحاضن الأول للاجئين والنازحين، رغم كون حصته في ميزانية العراق لا تزيد عن ١٥ ٪ لنحو أكثر من ستة ملايين مواطن بالإقليم، ناهيك عن علاقات إقليمية ودولية هائلة باتت تثير غيرة بغداد السياسية، وآخرها عقد رئيس حكومة الإقليم مع واشنطن اتفاقيتين في مجال الطاقة بقيمة ١١٠ مليارات دولار.
عند تحقيق حكومة أية نجاحات يظهر دوما السؤال الصعب: كيف يمكن الحفاظ على هذه الإنجازات ؟ فالبنية التحتية للطرق والشوارع مثلا شهدت تنفيذ عدد 717 مشروعاً للطرق الداخلية والخارجية بتكلفة إجمالية تصل إلى 1.029 تريليون دينار، مع تطوير شوارع رئيسية في المدن الكبرى مثل أربيل والسليمانية ودهوك، وهي علامات تمدن وتحضر أي مكان ومصدر لجذب السكان والاستثمار معا، بالنظر إلى مشروعات أخرى ذات أهمية خاصة في مجال الطاقة والخدمات، فنجد مشروع روناكي للكهرباء الذي يوفر الكهرباء على مدار 24 ساعة لأكثر من 2 مليون مواطن، وساعد على إطفاء 2107 مولدات خاصة، مع توصيل التيار إلى 90 ألف محل تجاري، أي أنها مشروعات تتداخل أهميتها مع احتياجات الناس وحياتهم اليومية.
في مجال الأمن المائي؛ تم بناء 9 سدود جديدة بطاقة تخزينية تفوق 250 مليون متر مكعب، وإنشاء 23 حوضاً مائياً، وتنفيذ مشاريع مياه شرب كبرى، مثل مشروع الطواريء في أربيل الذي سيحل أكثر من 70% من أزمة المياه، هكذا يكون العمل في سبيل خدمة المواطنين وجعل أي مكان واحة للنماء وساحة لفرص الاستثمار.
أما عن الإصلاح المالي؛ فحدث ولا حرج عن ومشروع “حسابي” الذي تم خلاله تسجيل 900 ألف موظف في النظام البنكي الرقمي، ما يعني ثقة أكبر في القطاع المصرفي تدعم عمليات الادخار والاستثمار والتداول.
تخيل كل هذه الإنجازات تحققها حكومة الإقليم، بينما تفكر حكومة بغداد في تعقيد أزمة تأخير صرف الرواتب للموظفين والمتقاعدين في كردستان، وهي أزمة تستهدف تراكم الديون على المواطنين وإضعاف القوة الشرائية لهم، دون إنكار تأثيرها على المشاريع وتعطيل بعض الخطط التنموية بسبب شح الموارد.
يحتاج كردستان إلى الحفاظ على هذا المستوى من النمو المتصاعد على كافة المستويات، وبالتالي تفعيل الحلول السياسية من قبل الحكومة الاتحادية مع أربيل لضمان الحقوق المالية لمواطني كردستان الذي تسير إدارته بخطى ثابتة نحو التطوير رغم التحديات، لكن استمرار أزمة الرواتب قد تعرقل هذه المسيرة، كما أن تحقيق التوازن بين المشاريع التنموية والاستقرار المالي هو التحدي الأكبر الذي يتطلب حلولاً عاجلة وحكيمة.
إن الأمر يتطلب تدخل عاجل من حكومة بغداد لإزالة العراقيل المالية المفروضة على أربيل بشكل مباشر وغير مباشر، و التى تشكل حجر عثرة نحو مسيرة الإقليم فى التنمية والتقدم، ودون ذلك، لن يلوم أحد أربيل على اتخاذ القرارات المناسبة تجاه حماية حقوق شعب كردستان في ظل نظام دستوري فيدرالي واضح للجميع.