أخبار عاجلة

جاليري ضي الزمالك يحتضن أعمال رائد التشكيليين السعوديين عبدالحليم رضوي.. الأحد

جاليري ضي الزمالك يحتضن أعمال رائد التشكيليين السعوديين عبدالحليم رضوي.. الأحد
تشهد الحركة التشكيلية، الأحد المقبل 14 ديسمبر، بجاليري ضي الزمالك، افتتاح معرض مائيات رائد الفن التشكيلي السعودي الراحل الدكتور عبدالحليم رضوي.
يرافق معرض “رضوي” المستمر حتى 28 ديسمبر الجاري، عرض أعمال رواد وكبار التشكيليين المعاصرين في المملكة العربية السعودية.
أوضح الناقد التشكيلي هشام قنديل رئيس مجلس إدارة أتيليه العرب للثقافة والفنون ومدير أتيليه جدة للفنون الجميلة، أن المعرض يضم مجموعة مختارة من أعمال الفنانين السعوديين الرواد، بينهم بكر شيخون وأحمد فلمبان وعبدالرحمن السليمان وطه الصبان وعبدالله حماس وسمير الدهام وفهد الحجيلان وشاليمار شربتلي وعبدالله إدريس وأيمن يسري و علا حجازي ومحمد الرباط وفهد خليف ومحمد الغامدي وعبدالرحمن المغربي ورياض حمدون ومحمد الشهري وإحسان برهان ومحمد العبلان ومحمد الخبتي وسعيد العلاوي وأبو هريس ونهار مرزوق وخالد الأمير وأحمد الخزمري وعبدالله الزهراني وغيرهم.
وعن تجربة رائد التشكيليين السعوديين عبدالحليم رضوي، يقول الفنان والناقد السعودي الكبير عبد الرحمن السليمان، إن “رضوي” من الرعيل الأول الذين رسموا صورة حقيقية لمعالم الفن التشكيلي، وأعطى بفنه الذي مزجه بروحه ولم يبخل يوماً بأن يقدم ما لديه، ويستطيع المراقب لمسار الحركة التشكيلية في المملكة أن يتعرف على مدى تأثير مشواره الفني ومدى ما قدمه لها، حتى توفي في جدة بعد صراع مع المرض خلال الأعوام الأخيرة، وقد عرف عنه نشاطه وإصراره على أن يكون للفن التشكيلي دور في الثقافة العامة للمجتمع.
وتابع السليمان: عندما يتحدث “رضوي” عن الفن الحديث فإنه يؤكد معه على أن ينطلق من الأصالة واستلهام التراثين العربي والإسلامي، وقد أخذ منه ذلك اهتماما، وكرس لأعمال تحمل أو تتأثر بهذا التوجه.

ولد التشكيلي السعودي عبد الحليم رضوي عام 1939 في مكة المكرمة، عاش بداية حياته عصاميا فكان لوالدته في ذلك الدور الكبير في تنشئته وتعليمه، وفي المدارس التي تعلم فيها كان محاطا بالتشجيع والاهتمام، وخصصت له مدرسته جناحا لرسوماته نفذها بالألوان المائية والبلاستيكية.كان العام 1378هـ بداية انطلاق لحياة فنية تميزت بالمثابرة والجد والاجتهاد فقد كانت مشاركته في أول مسابقة جماعية على مستوى المدارس الثانوية وذلك في مدينة الرياض وكان قد فاز حينها بالمركز الأول وكان لهذا الفوز الأثر في أن يتوجه بعد إنهائه الدراسة الثانوية في مدرسة العزيزية بجدة لدراسة الفنون الجميلة، بعد أن كان يتمنى دراسة الطب، كانت وجهته للتعلم إيطاليا التي سافر إليها وحيدا عام 1961م، وعلى نفقته الخاصة ليدرس في أكاديمية الفنون الجميلة بروما الديكور وفنونه، وفيها أقام أول معارضه الشخصية في العام التالي من التحاقه بالدراسة، وقد تم ضمه إلى البعثة الرسمية فيما بعد.
في العام 1964 أنهى “رضوي” دراسته الفنية وعاد إلى المملكة بكثير من الطموحات، فأقام معرضه الشخصي الأول فيها، إلا أنه فوجيء حينها برد فعل عكسي على مقدار ما كان يحمل من طموح، فقد وصفت أعماله بالهلوسة الفنية مع توجهه الأحدث في الفن وتأثره بدراسته ومشاهداته الفنية في إيطاليا.
كان المجتمع ينتظر من الفنان عبد الحليم رضوي حينها تمثيل الواقع ومحاكاته، وهو ما كان يقف رضوي ضده وكرس له الكثير من كتاباته وآرائه ومواقفه، عاد بعد العرض الأول ليكرر التجربة في موقع آخر في نفس المدينة لكن النتيجة لم تكن بأحسن من الأولى كثيرا، ومع ذلك تحرك بأعماله الفنية الجديدة إلى بعض المدن السعودية الأخرى كالرياض والظهران التي تلقى حينها دعوة من شركة أرامكو السعودية لرسم بعض المظاهر عن صناعة الزيت.
كانت عودة الفنان عبد الحليم رضوي من إيطاليا متزامنة مع اهتمامات جديدة بالفن، فقد تم افتتاح معهد التربية الفنية بالرياض، وقبله إقامة دورات تدريبية لصقل معلمي التربية الفنية، وكانت هذه الدورات صيفية، وكانت مدينة الطائف مركزا توجه إليه بعض المعلمين والمتعلمين من بينهم رضوي، ومن المتعلمين الفنان الراحل محمد السليم والفنان سعد العبيد وغيرهما.
في معهد التربية الفنية بالرياض درّس رضوي لفترة محدودة، ثم انتقل إلى جدة ليقوم بالتدريس في إحدى المدارس الثانوية، وتأسس مركز الفنون فيها لينتقل للإشراف عليه، وقد أنشأته حينها وزارة المعارف.
تعبر أعمال الفنان عبد الحليم رضوي عن إطلاع واستيعاب للتيارات والتوجهات الفنية العالمية، وهو عندما يدافع عن مفهومه الانطلاق المعاصر من خلال التراث العربي والإسلامي، يؤكد على هوية وشخصية تميز العمل الفني، ومن هنا كانت انتقالاته الفنية نحو هذا المفهوم واضحة في تجاربه المتلاحقة.
عقب عودته من دراسته الأولى كان تأثير بعض الاتجاهات الحديثة ظاهرة في أعماله فرسم بتأثير التوجه الانطباعي المتأخر خاصة مع سيزان الذي اعتبر أب الفن الحديث، وأنه من فتح الباب لاكتشاف التكعيبية، وتقترب في هذا السياق أعمال رضوي وقتها مع معالجات سيزان القائمة على اللمسة العريضة للفرشاة أو سكين الرسم، يظهر ذلك في أعمال مبكرة رسمها في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي من عناوين تلك الأعمال (زهور، قرية برشانو في ايطاليا، القروية) وغيرها، وهي أعمال مثلت مرحلة مهمة ومؤثرة في تجربته الفنية واختلفت عن تجارب أخرى لاحقة نفذها حين وبعد عودته من إسبانيا، وقد درس فيها الفن وحصل منها على درجة بروفيسور عام1979.
بدت أعمال الفنان الجديدة تبحث في معطيات الدائرة وبعد الحركة والديناميكية كانت آراء وتنظيرات رضوي الذي طبع مؤلفا يبدي فيه هذه التجربة، فكان يرسم علاقة بين التموجات الفكرية والشحنات الانفعالية – كما كان يقول – ضمنه كتابه (الحياة بين الفكر والخيال) 1981م الذي ضمنه لإيضاح ذلك – أيضا – رسومات وتخطيطات وآراء. فيقول في هذا السياق متحدثا عن أحد الأعمال (كل شيء في الحياة يدور ويدور ولكل إنسان أحلام وأمان يدور حولها).
أصدر رضوي فيما بعد بمشاركة كتاب قضايا معاصرة مع الدكتور أبوبكر باقادر وأكرم طاشكندي، ومساهمته كانت مقالات نشرها في بعض الصحف، وأثناء دراسته الفنية في إسبانيا التقى ببعض الفنانين العرب الذين كانوا يتعلمون معه، وكان يشغله حينها البحث عن الشخصية الفنية للنتاج الفني العربي، ورأى مع الفنانين أحمد نوار ومصطفى عبد المعطي وفاروق إبراهيم وعبد العزيز أحمد أنه لابد من أن يكون لنا أسلوب مميز مع استخدام المعايير الحديثة.
في أعماله التي مثلت مرحلة ثانية في تجربته الفنية وقد برزت الدائرة، انطلق رضوي من مفردة الحصان الذي ربما رأى فيه عنصرا يرمز للأصالة فنوع على حركته منطلقا من نقطة في الوسط ومنتهيا إلى أطراف العمل بحركة لولبية رأى فيها دينامية الحياة إلا أن عناصره التالية أخذت في التنوع وظهر في لوحته المنزل والأشخاص والحركة اليومية الشعبية، ومع التواصل في هذا التوجه أخذت الحركة تقل وتتوارى لصالح وضوح العناصر الجديدة التي أخذت تؤكد اتجاهه الفني الذي حافظ عليه إلى آخر أعماله المعروفة.
ومع اهتمامات رضوي في تكوين اللوحة الفنية الحديثة وباستلهام المعطى التراثي، لم يغفل المواضيع الإنسانية والقومية العربية والإسلامية، ولعل لوحاته عن فلسطين والقدس تمنحنا التعرف على مشاركته الفنية في هذه القضية، وهو مع حالة الرسم لا يتوانى في تضمين بعض أعماله في ظل هذا التوجه كتابات وحروفا تكثف الفكرة وتقربها، وكان من بين أعمال هذا الاهتمام لوحاته (أين الضمير؟ القدس تناديكم، البؤساء).
تقلد الفنان عبد الحليم رضوي منصب مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة، وحقق خلالها العديد من الأنشطة الفنية المتمثلة في المعارض الشخصية والجماعية، وقدم فكرة معرض مختارات من الفن التشكيلي السعودي المعاصر وتبنتها الجمعية، و رافق رضوي معظم المعارض المبكرة لهذا التحرك، وحصل عام 1984 على وسام القائد من البرازيل وأنشأ متحفه بجدة وفيه عرض أعماله الفنية، كما أقام أكثر من 100 معرض شخصي طاف بها العديد من بلدان العالم كان أولها في روما وبيروت، كما عرض في إسبانيا ومصر وتونس وغيرها.
كرمته أكثر من جهة، وأعماله تقتنيها عدة جهات رسمية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، فكان رائدا حقا للفن التشكيلي السعودي.