أخبار عاجلة

شيركو حبيب يكتب: بعد انتخابات العراق.. كوردستان قبلة الساسة ومرجعية المتعقلين

شيركو حبيب يكتب: بعد انتخابات العراق.. كوردستان قبلة الساسة ومرجعية المتعقلين

انتهت الانتخابات العراقية، ونال الحزب الديمقراطي الكردستاني خلالها أكثر من مليون صوت، وحظي مرشحوه كالعادة بثقة كافة مكونات العراق، وهي ثقة متجددة في سياساته التي رسمها الزعيم مسعود بارزاني، ونجحت في تطبيقها حكومة مسرور بارزاني داخل إقليم يترأسه نيجيرفان بارزاني وفق مرجعية صاغها مؤسس الحزب ملا مصطفى بارزاني عام 1946 حين رفع شعار “الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان”.
خارطة طريق جديدة للعراق، قوامها التوافق والتوازن والحوار والسعي لتطبيق الدستور بكافة مواده دون استثناء واحترام النظام الفيدرالي، نفس ملامحها لكوردستان وتزيد عليها عوامل الحسم لتشكيل حكومة الإقليم الذي تأخر الإعلان عنه لأسباب شتى، لكن باتت مع نتائج الانتخابات العراقية وتصدر “الديمقراطي” المشهد الكوردي كعادته، حقيقة الاستمرار في تنفيذ أجندته الرامية لتحقيق التنمية والإصلاح ودعم الحقوق الأساسية لمواطني الإقليم، بجانب الدفاع بقوة عن تطبيق الدستور في حواراته مع بغداد بشأن المناطق التابعة لكوردستان خارج الإقليم وكذا الغاز والنفط وإعادة توزيع مخصصات الموازنة العراقية بتقدير عدد سكان الإقليم ومن انضموا إليهم في عمليات نزوح جماعية خلال الحرب ضد داعش.
كذلك؛ قضايا شتى أصبحت بحاجة إلى حسم دون تردد، بينها انتظام مالية بغداد في صرف رواتب ومستحقات موظفي كوردستان وعدم تسييسها أو استخدامها سلاحا لتجويع الشعب الكوردي، وقضية تعويض عوائل الشهداء وتصنيف ذويهم كضحايا عمليات إبادة جماعية ارتكبها النظام السابق دون حساب لأركانه أو اعتراف قانوني بها من قبل الحكومة المركزية، رغم أن حكومات دول كبرى صنفتها جرائم ضد الإنسانية.
الأيام المقبلة؛ ستشهد أربيل عاصمة كوردستان ومعها منتجع بيرمام مقر الزعيم مسعود بارزاني، حضور القادة و الساسة العراقيين ، لبحث آخر التطورات السياسية في العراق و النقاشات حول تشكيل الحكومة العراقية بعد الانتخابات التشريعية، فلا تشكيل للحكومة العراقية دون مشاركة الكورد وأولهم الحزب الديمقراطي الكوردستاني أكبر الأحزاب العراقية والكوردية، ودون مباركة الزعيم مسعود بارزاني الذي تصبح كل الاتفاقيات دون تأييده لها هشة مهددة بالتجميد أو الفشل، وهو مرجعية كل متعقل بالفعل.
كل الظروف الداخلية والخارجية تبدو بالغة التعقيد سوى على مستوى المنطقة او العراق، أولها تغييب تطبيق الدستور كاملا، مع تجميد استحقاقات الشعب الكوردي المالية وتسييس استخدامها في الموازنة، وثانيها ما تمر به المنطقة من ظروف بالغة التعقيد جعلت أراضى العراق وسماءه جزءا من صراعات إقليمية وملعبا للقوى الخارجية وأذرعها في الداخل، ما يجعل التساؤل حول بقاء الأزمة العراقية مطروحا : إلى متى يغيب التوافق الداخلي وتستمر الأجندات الخارجية في التحكم بمستقبل العراقيين؟.
لقد ظلت أربيل خلال السنوات الماضية قبلة الساسة العراقيين والبعثات الدبلوماسية الأجنبية والعربية، جميعهم يقدرون دور الزعيم الكوردي مسعود بارزاني في تقديم حلول مثالية لا ذيول معها لأزمات العراق والمنطقة، وكلهم قدروا ما وصلت إليه خطط التنمية في كوردستان من نجاحات جعلت من الإقليم بؤرة جذب لاستثمارات حقيقية في بيئة آمنة تفوق نظيراتها بالمنطقة والعراق، والجميع شهد للكورد باحترام الدستور والدفاع عن عراق تعددي فدرالي يؤمن بالمشاركة و التوازن و التوافق بين جميع مكوناته.
هي فرصة تتجدد للحوار مع قادة كوردستان بعد كل انتخابات عراقية، وكم من الفرص أضاعها هواة تمييع القضايا، وقليل منها انتهزه محترفو السياسة الحقيقيين لإنهاء الأزمات، لكن معرقلو خطواتهم كانوا أشد بأسا، فأعاقوا تقدم العراق كله، فياليت كل وطني مخلص يجتهد لأجل رؤية عراقية خالصة، تنقل أبناء الوطن الواحد إلى مسار صحي، يعيد للوطن هيبته، وللمواطن كرامته، ويصنع مستقبلا مشتركا لا استبعاد فيه لأحد، مستقبل يسوده السلام والتوافق والتوازن، قوامه التنمية وحقوق الإنسان.