في ظل نظام قضائي داعم لسيادة القانون و حام لحقوق المواطنين، تظهر ممارسات تعيق سبل الوصول إلى العدالة، بل وتُثقل كاهل الأفراد بالمشاقّ غير المبررة. ومن بين هذه الممارسات، إلزام بعض المحاكم حضور صاحب الشأن شخصياً لاستخراج إعلامات الوراثة أو شهادات الجنح القديمة، مع رفض تفويض المحامين في تقديم هذه الطلبات. إنها قرارات لا تُعيق عمل المحامين فحسب، بل تُرهق المواطنين وتنتهك حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي دون عوائق.
الإشكالية: تعطيل المصالح وإهدار الحقوق
تشترط بعض المحاكم حضور المواطن شخصياً لإنجاز معاملات كان يمكن للمحامي – بوصفه ممثلاً قانونياً – إتمامها نيابة عنه. وهذا الاشتراط يُفرض حتى في حالات بسيطة، مثل استخراج شهادات من سجلات قديمة، أو إتمام إجراءات روتينية لا تحتاج إلى حضور فعلي. والسؤال الأهم: كيف يُطلب من مواطن يقيم خارج البلاد أن يحضر شخصياً لمجرد استخراج مستند من جدول قديم؟
هذه المطالب لا تمثل إرهاقاً مادياً ومعنوياً فحسب، بل تُعدّ انتقاصاً من دور المحامي كممثل شرعي للمواطن، وتُضعف ثقة الجمهور في النظام القضائي. فإذا كان القانون يسمح للمحامين بالترافع وتقديم المستندات نيابة عن الموكلين، فلماذا يُستثنى هذا النوع من الإجراءات؟
—
الآثار السلبية:
1-إهدار الوقت والجهد:
يُجبر المواطنون على تنقلات طويلة، وتكاليف سفر غير ضرورية، وتعطيل أعمالهم لمجرد إجراءات شكلية.
2.-تقويض دور المحامي:
يُحرم المحامون من أداء دورهم الكامل في تمثيل الموكلين، مما يُضعف مهنة المحاماة ويُقلل من فعاليتها.
3.-تعطيل العدالة:
تُصبح الإجراءات القضائية عبئاً بدلاً من أن تكون سبيلاً لإنصاف المواطنين، مما يدفع البعض إلى التخلي عن مطالبهم خوفاً من التعقيدات.
نداء إلى معالي رئيس الجمهورية:
نحن نوجه هذا الطلب إلى معالي رئيس الجمهورية الأمين الأول على حقوق الشعب والضامن لكفاءة مؤسسات الدولة، للتدخل العاجل وإلغاء هذه القرارات الخاطئة فالدولة الحديثة تُبنى على تبسيط الإجراءات، لا تعقيدها، وعلى تمكين المحامين – كممثلين للعدالة – من أداء واجبهم دون عراقيل.
إن العدالة لا تتحقق بمجرد وجود القوانين، بل بتطبيقها بشكل يحترم حقوق الناس ويُسهل وصولهم إلى حقوقهم. آن الأوان لمراجعة هذه الممارسات، وإزالة العوائق التي تُحول دون قضاء عادلٍ وسريع. فالمواطنون يستحقون نظاماً قضائياً يُعينهم، ومهنة محاماة قوية تُدافع عنهم دون قيود أو عوائق.
*الكاتب محام بالنقض