أخبار عاجلة

لا سكن يمنحك جيرة دائمة.. منشور وصورة للصحفى حسين متولى يكشفان عورة قانون الإيجارات

صورة ومنشور للكاتب الصحفي حسين متولي، على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، كشفا عورة بعض التشريعات الاجتماعية وأولها قانون الإيجارات الذي مرره البرلمان قبل أسابيع.

الصورة تجمع الكاتب الصحفي حسين متولى بجاره عم شوقي، صاحب أقدم محل خردوات بمنطقة الأميرية شمال القاهرة، وتسرح بنا كلمات وسطور الكاتب، لعقود مضت شهدت تحولات اجتماعية واقتصادية شديدة أضرت بطبقات عدة أولها الطبقة الوسطى والطبقة العمالية، وتوضح كيف كانت قوانين العمل والسكن والأحوال الشخصية سببا في ضرب استقرارها.

تأتي أهمية منشور الكاتب الصحفي حسين متولى من كونه صاحب مقترح المادتين 63 و 78 من دستور 2014 الذي صاغته لجنة الخمسين قبل الاستفتاء عليه منتصف يناير من نفس العام.

تقول المادة 63 من الدستور “يحظر التهجير القسري التعسفى للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لاتسقط بالتقدم” .
فيما تقول المادة 78 “تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية.
وتلتزم الدولة بوضع خطة وطنية للإسكان تراعى الخصوصية البيئية، و تكفل إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها، وتنظيم استخدام أراضى الدولة ومدها بالمرافق الأساسية فى إطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى و استراتجية لتوزيع السكان، بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين و يحفظ حقوق الأجيال القادمة. كما تلتزم الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق، وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة، كما تكفل توفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة”.

وفي ديسمبر 2014 جرى تكريم الكاتب الصحفي حسين متولى ومنحه لقب” المحارب المصري ضد الفساد” من قبل مبادرات مصرية ودولية مشتركة أبرزها” مصريون ضد الفساد”، عن دوره في استرجاع أموال بمئات المليارات لمصر، بعدما فجر في فبراير 2011 القضية الشهيرة” حيتان الصحراوي”، وكشف عن منح وزراء زراعة سابقين لعدد كبير من الشركات التي يملكها رجال أعمال مقربين لنظام مبارك، مئات الآلاف من الأفدنة بأسعار لا تزيد عن 100 جنيه للفدان على طريقي الإسكندرية والإسماعيلية الصحراويين، بغرض استصلاحها واستخدامها في الزراعة، لكنهم بنوا عليها منتجعات وقصور وفيلات وتربحوا منها مئات المليارات، وبعض هؤلاء يملكون صحف كبري وفضائيات.

كما اشتبك متولى؛ مع البرلمان والمنظمات والمجالس النسوية في معركة صياغة قانون الأحوال الشخصية، مطالبا بالرعاية المشتركة لأطفال الشقاق بين الأبوين، والرجوع بسن حضانة الطفل إلى 7 سنوات للولد و 9 للبنت ، مع إلغاء التطليق بالمحاكم لمخالفة تطبيقه الشرع.

وجاء في منشور الكاتب الصحفي حسين متولى على صفحته بموقع فيس بوك :

“علامة شارعنا والحي كله هو دكان خردوات عم شوقي.. ٤٧ سنة عشتها معه، لم أنتبه فيها إلى بداية نشاطه وهو “مكوجي” قبل أن يجمع مستلزمات البيت والطالب والأطفال البسيطة ليضمها بديلا عن عالم البخار، فكنا نشتري منه الكاراتيه ولبان كوكو واوا و بم بم وبسكويت لوكس ومنتجات شركة سيما، بجانب الكراسات والكشاكيل والجلاد والأقلام والتيكت والكتب الخارجية مع بداية العام الدراسي، و كرة القدم ومضارب البينج بونج مع بداية العطلة الصيفية، و البوك والمنديل القماش وزجاجة الريحة هدية عيد الأم المعتادة. في حي الأميرية ظلت الخدمات مقترنة بأداء الواجب الانتخابي تأييدا لمرشحي الحزب الوطني، وكانت الزيتون والأميرية على مدى أربعة عقود مطمعا للوزراء للترشح بها، دائرة بها أصوات مضمونة بالقصر، وكتلة عمالية بشركات المنطقة الصناعية، الأدوية والألبان وبسكو مصر والنقل العام واليايات، فحضر إليها عبد الأحد جمال الدين و زكريا عزمي و أحمد العماوي، بجانب شخصيات من الوسط العمالي مثل فتحي سالم وأحمد الدويك ومصطفى عبد الوهاب، حتى قفز الإخوان شهورا على مقعديها في المجلس النيابي، تبعتهم شخصية متزنة في برلمان ٢٠١٥ هو الناصري المعاصر محمد عبد الغني، رافقه ضيف شرف الدائرة حاتم باشات، ثم أخرى مثيرة للجدل والتساؤل حول مصادر أموالها، بلا تاريخ سياسي أو سند فكري واضح، جميعهم كان البوستر الأول لدعايتهم يبحث عن الظهور للناس على باب محل الخردوات هنا، وكان عم شوقي محبا لعبد الناصر فلا تملأ عينيه بعده صورة أي سياسي أو برلماني، كان موظفا بشركة المياه بميدان السواح، يعود بدراجته الهوائية من العمل ظهرا ليفتح محله، ثم تحضر إليه زوجته الحاجة أم أيمن بالطعام، وكان يقطن بشارع قريب وسط عائلته، حتى خلت شقة بشارعنا فجمع فيها أولاده الأربعة وابنتيه، فطالت ساعات عمله قليلا بالمحل اعتمادا على قربه من سكنه، فاشترى فيسبا هادئة تضمن له أمانا أعلى .
تناوب دورات الوقوف مكانه في عمليات البيع أولاده وقد أنجز تربيتهم وتعليمهم جميعا على أكمل وجه حتى تزوجوا جميعا منذ سنوات، فاختصر نصيبه وزوجته من الدنيا في معاش حكومي وشقة قريبة اشتراها مؤخرا، يحتاج الوصول إليها عبور شارع عمومي تتصارع وتتسارع عليه مركبات فوضوية دون داع، ولا يساعده بصره في إدراك أمتار أمامه، لكن بصيرته لا تنسه واجبا تجاه أي من جيرانه، فلا جنازة يتركها رغم تجاوزه الثمانين، وله قولته الأشهر “العروسة هاتتجوز كده كده.. لكن الميت عاوز اللي يدفنه”، فيقطع المسافات في ركب الجنازات دون تراخ منه تجاه حقوق جيرانه عليه، وهي سمة لم يكتسبها كثيرون من أجيال تالية.
قبل سنوات بعيدة؛ باع أشهر أطباء المنطقة وهو الدكتور محمد طعيمة ومعه شقيقه الحاج سعيد، رحمهما الله، العقار الذي يقع به محل خردوات عم شوقي، و جاء مالك جديد بفكر جديد لا تمثل فيه الجيرة مرجعية حقيقية، فأصبح عم شوقي يودع إيجار المحل له في خزينة المحكمة، واليوم، قابلته بعد صلاة الجمعة فأعطيته كافة المعلومات حول ما جاء به القانون الجديد فيما يتعلق بالقيمة الإيجارية للمحال التجارية ومدة سريان عقودها حتى إخلائها، ليفاجئني عم شوقي وهو يجهز بعض الكرات التي زاد طلب الصبية عليها للعب في الاجازة الصيفية “مش هاستني مدة ٥ سنين يا حسين يا ابني.. سأترك المحل للمالك بمجرد الانتهاء من بيع بقية البضاعة الموجودة به، وأعرض عليه شراء تجهيزاته التي نفذتها خارجه بعدما سقط المحل تحت مستوى الشارع بنحو نصف متر بسبب تعبيد الحكومات المتعاقبة الطرق بطريقة التعلية لتركيب المرافق”.
لم أجد في عباراته سوى الرصاصة الأولى لتداعيات القانون والتي تفتت كل الذكريات، وتذهب بمن علمونا ووجهونا بعيدا عنا، فوجدتني أطلب من أخي مصطفى الشبراوي التقاط صورة معه مداعبا إياه بذكريات طلب نفخ الكرة مقابل” شلن فضة” وشراء البمب ليلة العيد لفرقعته في مسامع المارة من الجيران الذين كانوا يكررون شكواهم لوالدي من الخضة مرة ومن رزع الكرة بحوائط بيوتهم مرة أخرى.
كل الذكريات ستغيب، وكل العشرة الطيبة ستبتعد، لنعيش بقية العمر نبحث عن طيبين جدد نكمل معهم الحياة الصعبة، ليتنا نجدهم، فلا تشريع اجتماعي يضمن لك علاقات عمل مستقرة، ولا زواج يضمن عائلة مطمئنة، ولا سكن يعطيك جيرة دائمة، كل هذه الحقوق الإنسانية البسيطة تباد بفعل باشوات يجلسون تحت القبة لتدبير ما نعيشه من فرقة وشقاق”.