بقلم : أحمد ناجي محمد برجيس
هل توقفت يومًا لتسأل نفسك: لماذا تتراجع بعض الشركات رغم بداياتها القوية؟ ولماذا تقفز أخرى إلى القمة رغم بدايات متواضعة؟
الإجابة لا تتوقف دائمًا عند التمويل أو جودة المنتج أو حتى ظروف السوق… بل غالبًا ما تكون خلف الأبواب المغلقة، حيث يُصنع القرار وتُمارَس الإدارة.
فالإدارة ليست فقط مسؤولية وظيفية، بل هي أمانة. وقد قال الله تعالى: ﴿ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ﴾ [النساء: 58]
والعدل هنا لا يعني فقط الإنصاف في الأجور أو الترقيات، بل يشمل احترام الإنسان، وتقدير المجهود، وبناء بيئة عمل يشعر فيها كل موظف أنه جزء حقيقي من الكيان، لا ترس مهدد بالكسر في أي لحظة.
في بعض الشركات، يسعى المؤسس لضم أفضل العقول في التسويق أو المحاسبة، لكنه ينسى أن البوصلة تبدأ من قائد يعرف كيف يتعامل مع البشر.
النبي ﷺ قال: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»
والمدير الحق هو الذي يتحمل مسؤولية النفسيات قبل النتائج، والقلوب قبل التقارير.
للإدارة دور لا يُرى على الفور… لكنها تحفظ الشغف، وتغرس الانتماء، وتزرع الولاء.
بإدارة عادلة، العامل يخلص، والمبدع يُبدع، والمشكلة تتحول إلى فرصة.
قال تعالى: ﴿ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ﴾ [التوبة: 105]
فكل موظف يعمل تحت إدارتك، هو أمانة. ورؤيتك له ليست كل شيء… بل رؤيته هو لنفسه تحت إدارتك، هي الفارق الحقيقي.
عزيزي صاحب الشركة، لا ترهق نفسك بمراقبة المنافسين، راقب إدارتك أولًا.
هل تطوّر؟ أم تستنزف؟
هل تنصف؟ أم تقسو؟
وقد قال النبي ﷺ: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم، فارفق به» [رواه مسلم]
فقسوتك اليوم، ليست فقط خسارة بشرية، بل خسارة دعاء… قد يصعب تعويضه.
القائد الحقيقي لا يختبئ خلف العقوبات، بل يبرز بقدرته على التحفيز، وعلى البناء باللين. ﴿ ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾ [آل عمران: 159]
فإذا كان النبي ﷺ، وهو رسول الله، لم يُؤمر إلا باللين، فكيف بمن دون ذلك يدير شركة ويطمح في النجاح؟
الخطر لا يأتي ممن يتكلم داخل الشركة… بل ممن يصمت، ثم يتحدث خارجها.
والموظف الذي لا يُشكر، سيبذل جهدًا أقل، حتى ينسحب بصمت.
قال النبي ﷺ: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» [رواه الترمذي]
اسأل نفسك:
هل يشعر الموظف بالأمان؟
هل يشعر أن صوته مسموع؟
هل يشعر أنه يتطوّر؟ أم يذبل كل يوم؟
الإدارة ليست تسليطًا ولا تهديدًا… بل تيسير، وتبشير، كما كان يفعل النبي ﷺ مع أصحابه: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا» [رواه البخاري ومسلم]
القائد الحقيقي هو من يفتقده فريقه في غيابه… لا من يرتاحون لابتعاده.
قال النبي ﷺ: «المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف»
فإن لم تكن محبوبًا بين موظفيك… فراجع نفسك، لأن الكره لا يبني كيانًا.
الموارد البشرية ليست ملفات وأوراق، بل هي رحم الشركة… حيث تنمو المواهب وتولد الكفاءات.
وقد قال ﷺ: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء» [رواه مسلم]
فأحسن لمن يعمل معك… ولو بكلمة.
في النهاية، الإدارة ليست رفاهية، بل شرط للبقاء.
﴿ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾ [الرعد: 11]
فإن أردت تغيير شركتك، فابدأ بتغيير إدارتك.
رجّعها إدارة…
بنية صافية، وقلب عادل، وعقل يعرف أن أعظم أرباح الشركات ليست في المبيعات… بل في ولاء الناس.