أخبار عاجلة

رحماك ربي من عقولهم

بقلم – حاتم سلامة
يقول أحدهم: أريحوا أنفسكم لن تهزم إيرانُ إسرائيلَ ففي هزيمة إيران لإسرائيل تكذيب للرسول ﷺ فلن يهزم إسرائيل علماني أو رافضي أوحتى عصاة المسلمين بل مسلمون موحدون أفهمتم ياعُلما ويامحللون؟؟
ذكرني هذا التصريح من صديق بالصفحة الزرقاء، بما فعلته بعض الطرق الصوفية التي اشترى ذمتها المستعمر الفرنسي في دول المغرب العربي قديما، فأفتى شيوخها للناس أن قتال المستعمرين حرام شرعا لأن الاحتلال قدر الله ومقاومته حرب لقدر الله، ولا يجوز للمسلم مخالفة القدر.
ومع احترامي لهذا الصديق وتقديري المضطر لشطحاته تحت مبدأ احترام الرأي الآخر، حتى ولو كان مخالفا لي، إلا أنني أتعجب كيف لمسلم أن يقول هذا القول ويفهم هذا الفهم؟
إنه فهم سقيم عجيب غريب تماما عن فهم الإسلام وروحه الرافضة للظلم والقهر والاحتلال، ولو ان مثل هذه العقليات بمثل هذه التفسيرات تفشت في حياتنا لضاعت أمتنا وقضي عليها، بل إن الضعف الذي نتذوق صنوفا منه، إنما سببه في المقام الأول، وجود مثل هذه العقليات في حياتنا.
الله تعالى أمرك بالنصال والجهاد ولم يأمرك بالاستسلام، وإلا فما معنى قصدك بكلمة: أريحوا أنفسكم، وهل أريحوا أنفسكم هذه تعني ان نستسلم ونترك بلداننا وأوطاننا نهبا لليهود إلى أن تأتي الساعة؟!
ثم من أدراك كل المسلمين عصاة او علمانيون او أنهم ملحدون، ربما يغفر الله عصيانك ويكفر خطاياك، لو سالت دماؤك في سبيله، لا يمكن ابدا لمقاتل مسلم يحمل سلاحا أما عدوه إلا أن يكون متصلا بالله معلق به قلبه يرجو نصره وكفايته.
ربما يكون نزالنا معهم حتى قيام الساعة، ولكن حتى تأتي الساعة، لا يجب أن نعيش تحت سياط الذل والقهر والضعف والاستسلام والاستكانة.
وعلى فرض صحة الحديث وقد ضعف العلماء كثيرا من مثل هذه الأحاديث، إلا أن هذا المنطق الانهزامي المتخاذل لا يمكن أبدا أن يكون طبيعة دين عرف بالقوة والانتصار والثورة والانتفاضة على الطمع والطغيان.
إن ترك الهمل وهم يغوصون في كتب العلم وحدهم مصيبة كبرى تحل على الأمة نتيجة الجهل والحمق والغباء الذي يعمي مستقبلنا ويكبل حاضرنا.
ربما لو جاهدناهم لهزمناهم وسحقناهم، وحررنا بلداننا منهم، ثم يعودون الكرة مرة أخري فنعيد نزالهم، أما أن ننفض أيدينا من قتالهم، فإن هذا مالا تقصده النصوص إن صحت، وإنما المعنى اللائق بها وبمفاهيم ديننا، أن نكون منهم دائما على يقظة وتبصر وحذر وإعداد، لا أن نريح أنفسنا، لا ان ننفض أيدينا في كل سلاح ونريح انفسنا من النصال وننتظر لحظة قيام الساعة لتقوم بواجبنا.!
والحق أننا لن نريح أيدينا ولكننا سنريح ارواحنا التي يحصدها عدونا رخيصة ذليلة هينة.
ربما تقوم دعوات لتكفير الشيعة او الاستهانة بالمقاومة الايرانية، وأن الشيعة شر علينا كاليهود تماما، كل هذا يمكن قبولة ونقاشة، أما أن يقوم طرف ثالث أحمق يحمل رايات الهزيمة ويدعو الناس لترك ألوية الكفاح، فهذا افتئات مهول على الله ورسوله.
الله تعالى يقول: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.
والحديث الشريف يقول: ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا
وليتأمل صاحبنا لو أن مصر أخذت بهذا المنطق الأعوج في حربها في ٧٣ فماذا كنا اليوم وعلى أي حال كانت البلاد؟
وإذا كان أمثال هؤلاء يطالبوننا بإراحة أنفسنا، فإننا نطالبهم أن يريحونا من عقولهم الخربة الآسنة، وأفهامهم الصالة المعوجة.