أخبار عاجلة

محمد خلف مشاري، بناء جسور التواصل: كيف تُغيّر التربية الخاصة حياة الأطفال ذوي الإعاقة؟

بقلم : محمد خلف مشاري خلف 

بناء جسر التواصل: كيف تغير التربية الخاصة حياة الأطفال ذوي الإعاقة ؟

في عالمنا المتسارع، كثيرًا ما نغفل عن أن وراء كل تحدٍ فرصة كبيرة للنمو والنجاح ، الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مثل التوحد، ومتلازمة داون، والإعاقة الحركية أهم قصص نجاح تنتظر من يكتشفها ويعطيها فرصة

أنا طالب في تخصص التربية الخاصة وأخصائي تعديل سلوك ونطق وتخاطب ، وأعيش تجربة شخصية مع أخي البالغ من العمر 14 عامًا، الذي يعاني من متلازمة داون ، كان من الرائع أن أشهد كيف أن الدعم المستمر والصبر والتوجيه الصحيح ساعدوه ليس فقط على تجاوز الصعوبات بل أصبح سباحًا ماهرًا يشارك في مسابقات محلية ويحقق إنجازات تفوق توقعاتنا ولذلك هذه التجربة علمتني درسًا مهمًا أن كل طفل يحمل في داخله بذرة نجاح، تحتاج إلى رعاية وصبر وفرصة للنمو ، ولكن يجب ان نعلم ان هنالك فروقات فرديه بين الاطفال وان كل طفل فريد

” اجعل التعلم رحلة شخصية “

ليس هناك مسار واحد يناسب الجميع فالإعاقات تتنوع وكذلك الاحتياجات ، يتطلب الأمر من الأخصائيين وأولياء الأمور أن يتعاملوا مع كل طفل كحالة فريدة، يبحثون عن طريقة تناسبه وليس العكس

في بعض الأحيان، يكون الاستماع أكثر أهمية من الكلام. قد لا يحتاج الطفل إلى تعليم مباشر، بقدر ما يحتاج إلى مساحة يشعر فيها بالأمان والاحترام. التجارب التي تُترك للطفل ليعيشها بنفسه مع الدعم الخفيف في الخلفية قد تفتح له آفاقًا جديدة لا يمكن تصورها

تعديل السلوك .. أكثر من مجرد تصحيح

غالبًا ما يُساء فهم تعديل السلوك على أنه تصحيح للسلوكيات غير المرغوبة فقط، لكنه في جوهره فن وعلم لفهم دوافع الطفل والتواصل معه بطريقة تلبي حاجاته الحقيقية.

من خلال تجربتي، أدركت أن السبب وراء تصرف معين غالبًا ما يكون أعمق من مجرد الرغبة في “التحدي” الأطفال يعبرون بطريقتهم عن مشاعر قد لا نستطيع سماعها بالكلمات. محاولة فهم هذه المشاعر خلف السلوك تجعلنا شركاء حقيقيين في رحلتهم

التواصل .. ليس فقط بالكلام

عندما نذكر النطق والتخاطب، لا يجب أن ننسى أن التواصل هو أكثر من كلمات تُقال. تعابير الوجه، الإيماءات، وحتى لغة الجسد، كل ذلك جزء من لغة يفهمها الطفل ويستخدمها للتواصل.

السباحة التي بدأها أخي كانت أكثر من مجرد نشاط رياضي؛ كانت وسيلة تواصل بحد ذاتها ، في الماء كان يجد طريقة للتعبير عن نفسه، للشعور بالحرية وللتفاعل مع مدربيه ، الأنشطة الحركية التي تدمج بين المرح والتعلم هي من أنجح الطرق لبناء جسور التواصل.

الأسرة هي القلب النابض للعلاج

لا يكتمل أي نجاح بدون دعم الأسرة. وجود بيئة أسرية دافئة ومتفهمة هو الأساس لكل تطور ، لكن الدعم لا يعني فقط العطاء المتواصل، بل يعني أيضًا العناية بالنفس.

وكلما اعتنيت بنفسك، أصبحت أكثر قدرة على دعم طفلك. الأهل والأخصائيون في كثير من الأحيان ينسون أنفسهم في خضم العناية بالآخرين ، وهذا قد يؤدي إلى تعب نفسي يؤثر على جودة الدعم المقدم

نصائح لأولياء الأمور والأخصائيين
احذر من الإفراط في التدخل: أحيانًا ترك الطفل يواجه التحديات الصغيرة بمفرده، مع وجودك بجانبه فقط يساعده على بناء ثقته بنفسه
راقب التفاصيل الصغيرة: ربما تكون هذه التفاصيل هي لغة طفلك الحقيقية، استمع إلى صمتهم وراقب نظراتهم

اجعل الروتين مرنًا: الثبات مهم، لكن المرونة في التعامل مع المواقف الطارئة تمنح الطفل شعورًا بالأمان وعدم القلق من التغيرات
تعلم من طفلك بقدر ما تعلمه: الأطفال ذوو الإعاقات يعلموننا دروسًا عن الصبر ، الحب غير المشروط والقدرة على التفاؤل

نحو مجتمع أكثر شمولية وإنسانيه يجب ان نعلم ان التربية الخاصة ليست فقط مجالًا علميًا، بل هي رسالة حياة ، هي التزام بأن نعطي كل طفل فرصة ليُظهر أفضل ما لديه، وأن نبني مجتمعات تقبل وتحتضن التنوع والاختلاف.